للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنه السُّقوط إِلَّا في هذا الموضع، وكانت العربُ تُضيفُ الأَمطارَ، والرِّياحَ، والحَرَّ، والبَرْدَ إلى السَّاقط منها. وقال الأَصمعيُّ: إلى الطالع منها في سُلْطانِه، فتقول: مُطِرْنا بنَوْءِ كذا، وقال أبو حَنيفةَ -الدِّينَوَريّ-: نَوْءُ النَّجْمِ: هو أَوَّل سُقوطٍ يُدْرِكُه بالغَداةِ، إذا همَّت الكواكبُ بالمُصُوحِ (١)، وذلك في بَياض الفَجْر المُسْتَطِير. وفي "التهذيب": نَاءَ النجمُ يَنوءُ نَوْءًا إذا سقَط. وقال أبو عبيد: الأَنواءُ ثمانيةٌ وعشرون نجمًا، واحدُها نَوْءٌ، وقد نَاءَ الطالع بالمَشْرِق يَنوءُ نَوْءًا؛ أي: نهضَ، وطلَع، وذلك النُّهوضُ هو النَّوْءُ، فسمِّيَ النَّجمُ به، وكذلك كلُّ ناهضٍ بثِقَلٍ وإِبْطاءٍ، فإنَّه يَنوءُ عند نُهُوضه، وقد يكون النَّوْءُ السُّقوطَ، قال ذو الرُّمَّةِ [من الطويل]:

تَنُوءُ بِأُخْراها فَلأْيًا قِيامُها … وتَمْشي الهُوَيْنى عن قَريبٍ فَتَبْهَرُ

أُخْراها: عَجيزَتُها تُنيئُها إلى الأَرضِ؛ لضِخَمِها، وكَثرة لحمِها في أَردافها. انتهى (٢). وقال ابن منظور -رَحِمَهُ اللهُ-: قال شَمِر: هذه الثمانية وعشرون التي أَراد أَبو عبيد هي منازل القمر، وهي معروفة عند العرب، وغيرهم، من الفُرْس، والروم، والهند، لم يختلفوا في أَنها ثمانية وعشرون، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها، ومنه قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس: ٣٩]، قال شَمِر: وقد رأَيتها بالهندية، والرومية، والفارسية مترجمة، قال: وهي بالعربية فيما أَخبرني به ابن الأَعرابيّ: الشَّرَطانِ، والبَطِينُ، والنَّجْمُ، والدَّبَرانُ، والهَقْعَةُ، والهَنْعَةُ، والذِّراع، والنَّثْرَةُ، والطَّرْفُ، والجَبْهةُ، والخَراتانِ، والصَّرْفَةُ، والعَوَّاءُ، والسِّماكُ، والغَفْرُ، والزُّبانَي، والإِكْليلُ، والقَلْبُ، والشَّوْلةُ، والنَّعائمُ، والبَلْدَةُ، وسَعْدُ الذَّابِحِ، وسَعْدُ بُلَعَ، وسَعْدُ السُّعُود، وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ، وفَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ، وفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ، والحُوتُ، قال: ولا تَسْتَنِيءُ العَرَبُ بها كُلِّها، إِنما تذكر بالأَنْواءِ بَعْضَها، وهي معروفة في أَشعارهم، وكلامهم، وكان ابن الأَعرابيّ يقول: لا يكون نَوْءٌ حتى يكون معه مَطَر، وإِلا فلا نَوْءَ.


(١) أي: الذهاب.
(٢) "تاج العروس" ١/ ٢٤٥.