للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أَبو منصور: أَول المطر الوَسْمِيُّ، وأَنْواؤُه العَرْقُوتانِ المُؤَخَّرتانِ، قال أَبو منصور: هما الفَرْغُ المُؤَخَّر، ثم الشَّرَطُ، ثم الثُّرَيَّا، ثم الشَّتَوِيُّ، وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ، ثمَّ الذِّراعانِ، ونَثْرَتُهما، ثمَّ الجَبْهةُ، وهي آخِر الشَّتَوِيِّ، وأَوَّلُ الدَّفَئِيّ، والصَّيْفِيّ، ثم الصَّيْفِيُّ، وأَنْواؤُه السِّماكانِ: الأَوَّل الأَعْزَلُ، والآخرُ الرَّقيبُ، وما بين السِّماكَيْنِ صَيف، وهو نحو من أَربعين يومًا، ثمَّ الحَمِيمُ، وهو نحو من عشرين ليلة عند طُلُوعِ الدَّبَرانِ، وهو بين الصيفِ والخَرِيفِ، وليس له نَوْءٌ، ثمَّ الخَرِيفِيُّ، وأَنْواؤُه النَّسْرانِ، ثمَّ الأَخْضَرُ، ثم عَرْقُوتا الدَّلْوِ الأُولَيانِ، قال أَبو منصور: وهما الفَرْغُ المُقَدَّمُ، قال: وكلُّ مطَر من الوَسْمِيِّ إِلى الدَّفَئِيِّ ربيعٌ.

وقال الزجاج في بعض "أَمالِيه"، وذَكر قَوْلَ النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قال: سُقِينا بالنَّجْمِ، فقد آمَنَ بالنَّجْم، وكَفَر باللهِ، ومن قال: سَقانا اللهُ، فقد آمَنَ باللهِ، وكَفَر بالنَّجْمِ"، قال: ومعنى مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا: أي: مُطِرْنا بطُلوع نجم، وسُقُوط آخَر، قال: والنَّوْءُ على الحقيقة سُقُوط نجم في المَغْرِب، وطُلوعُ آخَرَ في المشرق، فالساقِطةُ في المغرب هي الأَنْواءُ، والطالِعةُ في المشرق هي البَوارِحُ، قال: وقال بعضهم: النَّوْءُ ارْتِفاعُ نَجْمٍ من المشرق، وسقوط نظيره في المغرب، وهو نظير القول الأَوَّل، فإِذا قال القائل: مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُّرَيَّا، فإِنما تأْويله أَنَّه ارتفع النجم من المشرق، وسقط نظيره في المغرب؛ أي: مُطِرْنا بما ناءَ به هذا النَّجمُ، قال: وإِنما غَلَّظَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها؛ لأَنَّ العرب كانت تزعم أَن ذلك المطر الذي جاءَ بسقوطِ نَجْمٍ هو فعل النجم، وكانت تَنْسُبُ المطر إِليه، ولا يجعلونه سُقْيا من الله، وإِن وافَقَ سقُوطَ ذلك النجم المطرُ يجعلون النجمَ هو الفاعل؛ لأَن في الحديث دَلِيلَ هذا، وهو قوله: "مَن قال: سُقِينا بالنَّجْمِ، فقد آمَنَ بالنَّجْم، وكَفَرَ باللهِ"، قال أَبو إِسحق: وأَما من قال: مُطِرْنا بُنَوْءِ كذا وكذا، ولم يُرِدْ ذلك المعني، ومرادُه أَنَّا مُطِرْنا في هذا الوقت، ولم يَقْصِدْ إِلى فِعْل النجم فذلك -والله أَعلم- جائز.

وقال ابن الأَثير: أمَّا مَنْ جَعلَ المَطَر مِنْ فِعْلِ اللهِ تعالي، وأَراد بقوله: مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا؛ أي: في وَقْت كذا، وهو هذا النَّوْءُ الفلانيّ، فإِن ذلك جائز؛ أي: إِن اللهَ تعالى قد أَجْرَى العادة أَن يأْتِيَ المَطَرُ في هذه الأَوقات، قال: