هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "لَا طِيَرَةَ) -بكسر الطاء المهملة، وفتح التحتانية، وقد تُسَكَّن-: هي التشاؤم- بالشين، وهو مصدر تَطَيَّر، مثل تَحَيَّر حَيَرَةً، قال بعض أهل اللغة: لم يجئ من المصادر هكذا غير هاتين، وتُعُقّب بأنه سُمع: طِيَبَةٌ، وأورد بعضهم: التِّوَلَةَ، وفيه نظر.
وأصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير، فإذا خرج أحدهم لأمر، فإن رأى الطير طار يمنةً تيمّن به، واستمرّ، وإن رآه طار يَسْرَة، تشاءم به، ورجع، وربما كان أحدهم يُهِيج الطيرَ ليطير، فيعتمدها، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك، وكانوا يسمّونه السانح -بمهملة، ثم نون، ثم حاء مهملة- والبارح -بموحدة، وآخره مهملة- فالسانح ما وَلّاك ميامنه، بأن يمر عن يسارك إلى يمينك، والبارح بالعكس، وكانوا يتيمّنون بالسانح، ويتشاءمون بالبارح؛ لأنه لا يمكن رميه، إلا بأن ينحرف إليه، وليس في شيء من سنوح الطير، وبُرُوحها ما يقتضي ما اعتقدوه، وإنما هو تكلُّف بتعاطي ما لا أصل له؛ إذ لا نطق للطير، ولا تمييز، فيُستدلَّ بفعله على مضمون معنى فيه، وطلب العلم من غير مظانه جَهْل من فاعله، وقد كان بعض عقلاء الجاهلية ينكر التطير، ويتمدح بتركه، قال شاعر منهم [من مجزوّ الكامل]: