للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَخَيْرُهَا)؛ أي: خير الطيرة (الْفَأْلُ") بفاء، ثمّ همزة، وقد تُسهّل، والجمع فُؤولٌ بالهمزة جزمًا.

قال الطيبيّ رحمه الله: الضمير المؤنّث راجع إلى الطِّيَرة، وقد عُلم أن الطِّيَرة كلها لا خير فيها، فهو كقوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} [الفرقان: ٢٤]، وهو مبنيّ على زعمهم، أو هو من باب قولهم: الصيف أحرّ من الشتاء؛ أي: الفال في بابه أبلغ من الطيرة في بابها، ومعنى الترخّص في الفأل، والمنع من الطيرة، هو أن الشخص لو رأى شيئًا، فظنه حسنًا، وحَرَّضه على طلب حاجته، فليفعل ذلك، وإن رأى ما يَعُدُّه مشئومًا، ويمنعه من المضيّ إلى حاجته، فلا يجوز قبوله، بل يَمضي لسبيله، فإذا قَبِلَ، وانتهى عن المضيّ في طلب حاجته فيه، فهو الطيَرة؛ لأنها اختصت بأن تُستعمل في الشؤم، قال الله تعالى: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} [يس: ١٨]: أي تشاءمنا بكم، وقال: {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: ١٩]؛ أي: سبب شؤمكم معكم. انتهى (١).

(قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: "الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ") مثل مَن خرج من داره لطلب حاجة، فسمع شخصًا يقول للآخر: يا نجاح، وقال الأصمعيّ: سألت ابن عون عن الفأل، فقال: هو أن يكون مريضًا، فيسمع: يا سالم.

وفي حديث أنس عند البخاريّ: "ويعجبني الفأل الصالح، الكلمة الحسنة وفي حديث عروة بن عامر الذي أخرجه أبو داود قال: "ذُكِرت الطيرة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: خيرها الفأل، ولا تَرُدّ مسلمًا، فإذا رأى أحدكم ما يكره، فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله" (٢). وأخرج أبو داود أيضًا من حديث بُريدة -رضي الله عنه-: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بَعَث غلامًا سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به، وإن كره اسمه رُئي كراهة ذلك في وجهه، وإذا دخل


(١) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ٩/ ٢٩٧٨.
(٢) ضعيف أخرجه أبو داود (٣٩١٩) وفي سنده حبيب بن أبي ثابت مدلّس، وقد عنعنه، فتنبّه.