للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يفزعون إلى الجنّ في أمورهم، ويستفتونهم في الحوادث، فيُلقون إليهم الكلمات، ثم تَعَرَّض إلى مناسبة ذِكر الشعراء بعد ذِكرهم في قوله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١)} [الشعراء: ٢٢١]. (إِنَّ الْكهَّانَ كَانُوا يُحَدِّثُونَنَا) وفي بعض النسخ: "يُحدّثونا" بنون واحدة، (بِالشَّيْءِ) من المغيّبات، (فَنَجِدُهُ حَقًّا)؛ أي: ثابتًا واقعًا كما أخبروا، وليس المراد أنه ضدّ الباطل، قاله في "العمدة" (١). (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("تِلْكَ الْكَلِمَةُ الْحَقُّ) التي وقعت كما أخبروا، (يَخْطِفُهَا) بفتح الطاء، وكسرها، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: خَطِفَه يَخطَفه، من باب تَعِبَ: استلبه بسُرْعة، وخَطَفه خَطْفًا، من باب ضَرَب لغةٌ، واختَطَفَ، وتخطّف مثله، والْخَطْفة مثلُ تَمْرة: الْمَرّة. انتهى (٢).

وقال في "القاموس"، و"شرحه": خَطِفَ الشَّيْءَ، كَسَمِعَ يَخْطَفُه خَطْفًا، وهي اللُّغَةُ الجَيِّدَةُ، كما في "الصِّحاحِ"، وفي "التَّهْذِيب": وهي القِرَاءَةُ الجَيِّدَةُ، وفيه لُغَةٌ أُخْرَى، حَكاهَا الأَخْفَشُ، وهي: خَطَفَ يَخْطَفُ، مِنْ باب ضَرَبَ، أَو هذِه قَلِيلَةٌ، أَو رَدِيئَةٌ، لا تَكادُ تُعْرَفُ، كما في "الصِّحاحِ قال: وقد قَرَأَ بها يُونُسُ، ويَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، ومُجَاهِد، وأَبو رَجاء، في قَوْلِهِ تَعَالَى: (يَخْطِفُ أَبْصَارَهُمْ) ومعناه: اسْتَلَبَهُ، وقيل: أَخَذَهُ في سُرْعَةٍ واسْتِلابٍ. انتهى (٣).

(الْجِنِّيُّ) مفرد الجنّ؛ أي: يختلسها الجنيّ من أخبار السماء، وقال في "الفتح": وفي رواية السرخسيّ: "يخطفها من الجنيّ؛ أي: الكاهن يخطفها من الجنيّ، أو الجنيّ الذي يلقي إلى الكاهن يخطفها من جني آخر فوقه، و"يخطفها" بخاء معجمة، وطاء مفتوحة، وقد تُكسر، بعدها فاء، ومعناه: الأخذ بسرعة، وفي رواية الكشميهنيّ: "يحفظها" بتقديم الفاء، بعدها ظاء معجمة، والأول هو المعروف. انتهى (٤).

(فَيَقْذِفُهَا) بكسر الذال المعجمة، من باب ضرب؛ أي: يرميها (فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ)؛ أي: صاحِبه الكاهن من الإنس، وأطلق على الكاهن وليّ الجنيّ؛ لكونه


(١) "عمدة القاري" ٢١/ ٢٧٧.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٧٤.
(٣) "تاج العروس" ١/ ٥٨٠٩.
(٤) "الفتح" ١٣/ ١٩٣، كتاب "الطبّ" رقم (٥٧٦٢).