أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩)} [الأحقاف: ٢٩]، ولا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن وفد جنِّ نصيبين أتوني ونِعْم الجنُّ هم فسألوني الزاد. . ." الحديث، فهذه نصوص في أن من جنّ غير المدينة من أسلم، فلا يُقتل شيء منها حتى يُحَرَّج عليه، كما تقدَّم. فتفهَّم هذا العقد، وتمسَّك به، فهو الذي يجمع بين أحاديث هذا الباب المختلفة. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق من ذِكْر أقوال العلماء في مسألة قتل الحيَّات، وأدلّتهم أن الأرجح قول من قال: تُقتل الحيّات كلّها إلا عوامر البيوت في المدينة أو غيرها، فلا تُقتل إلا بعد الإنذار ثلاثًا، إلا ذا الطُّفيتين، والأبتر، فيُقتلان مطلقًا، وهذا هو الذي أشار إليه الإمام أبو عمر والقرطبيّ في تحقيقهما الماضي، وهو الوجه الصحيح في الجمع بين الآثار المختلفة في الباب، فتبصّر بالإمعان، والله تعالى وليّ التوفيق.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
١ - (حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ) بن ميمون الأعور، أبو محمد المؤدّب الشاميّ، نزيل بغداد، ثقةٌ [١٠](ت ٢٢٨)(م كد) تقدم في "المساجد ومواضع الصلاة" برقم [١١٧٤].