للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العجم أنواعًا من الحيَّات يَهْلِك الرائي لها بنفس رؤيتها، ومنها من يُهلك المرور على طريقها، وذَكَر غير ذلك. ولا يلتفت إلى قول من قال: إن ذلك بالترويع؛ لأنَّ ذلك الترويعَ ليس خاصًّا بهذين النوعين، بل يعمُّ جميع الحيَّات، فتذهب خصوصيَّة هذا النوع بهذا الاعتناء العظيم، والتحذير الشديد، ثمَّ: إن صحَّ هذا في طرح الحبل، فلا يصحُّ في ذهاب البصر، فإنَّ الروع لا يذهبه (١).

(قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَنُرَى) بضمّ النون؛ أي: نظنّ (ذَلِكَ) خَطْفهما البصر، واستسقاطهما الحبل (مِنْ سُمَّيْهِمَا)؛ أي؛ من أجل كونهما ذوي سُم (وَاللهُ أَعْلَمُ، قَالَ سَالِمٌ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (فَلَبِثْتُ) بكسر الموحّدة، من باب فَهِمَ؛ أي: مكثتُ (لَا أَتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهَا إِلَّا قَتَلْتُهَا)؛ أي: امتثالًا لأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقتلها. (فَبَيْنَا) تقدّم الكلام عليها، وعلى "بينما" قريبًا، فلا تنس. (أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً يَوْمًا)؛ أي: أجري وراءها لأقتلها، أو أخدعها لأصيدها، وأصل المطاردة - كما قاله الفيّوميّ - هو الإجراء للسباق (٢)، وقال المجد - رحمه الله -: مطاردة الأقران: حَمْل بعضهم على بعض، وهم فُرْسان الطِّرَاد. انتهى (٣).

وقال المرتضى - رحمه الله -: ومن المجاز: مُطارَدةُ الأَقرانِ، والفُرْسانِ، وطِرادُهم: حَمْلُ بَعْضِهم على بَعْضٍ في الحَرْبِ، وغيرِهَا؛ أي: ولو لم يكن هناك طَرْدٌ، كما قِيلَ للمحارَبةِ: جِلادٌ، ومُجالَدةٌ، وإن لم يكن ثَمَّ مُسايَفَةٌ. ويقال: هم فُرْسَانُ الطِّرادِ، وطَاردَ قِرْنَهُ، وتَطارَدَا، واسْتَطْرَدَ له؛ أي: لِلقِرْنِ لِيَحْمِلَ عليه، ثم يَكُرَّ عَلَيْه، وذلك أَنَّه يَتَحَيَّزُ في استطرادِهِ إلى فِئَتِهِ، وهو يَنْتَهِزُ الفُرْصَةَ لمُطارَدَتِه. وقد استَطْرَدَ له كَأنَّه نَوْعٌ من المَكِيدة. وفي الحديث: "كنتُ أُطارِدُ حَيَّةً"؛ أَي: أَخْدَعُها لأَصِيدَهَا، ومنه طِرَادُ الصَّيْدِ. انتهى (٤).

(مِنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ)؛ أي: من الحيّات اللاتي تسكن البيوت، (مَرَّ بِي زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ) عمه، (أَوْ أَبُو لُبَابَةَ، وَأنَا أُطَارِدُهَا، فَقَالَ: مَهْلًا)؛ أي: لا تعجل في أمرك، قال "القاموس"، و"شرحه": المَهْلُ با لفتح، ويُحرَّكُ، والمُهْلَةُ


(١) "المفهم" ٥/ ٥٣٣ - ٥٣٤.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٣٧٠.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٧٩٦.
(٤) "تاج العروس" ١/ ٢٠٩١.