للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حجتهما أنهما من هوامّ الأرض، فيلزم من أباح قتلهما مثل ذلك في سائر الهوامّ.

قال العينيّ: نعم يباح قَتْل سائر الهوامّ القتّالة، كالرُّتيلاء، وأم الأربعة والأربعين، والسامّ الأبرص، والوزغة، والنمل المؤذية، ونحوها، وأما نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قتل حيات البيوت، فقد اختَلَف السلف قبلنا في ذلك، فقال بعضهم بظاهر الأمر يقتل الحيات كلها، من غير استثناء شيء منها، كما روى أبو إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوا الحيات كلهنّ، فمن خاف ثأرهنّ، فليس مني"، ورُوي أيضًا هذا عن عُمر، وابن مسعود، وقال أبو عمر: رَوَى شعبة، عن مخارق بن عبد الله، عن طارق بن شهاب، قال: اعتمرت، فمررت بالرِّمَال، فرأيت حيات، فجعلت أقتلهنّ، وسألت عمر، فقال: هن عدوّنا، فاقتلوهنّ، قال ابن عيينة: سمعت الزهري يحدِّث عن سالم، عن أبيه، أن عمر سئل عن الحية، يقتلها المحرم، فقال: هي عدوّ، فاقتلوها حيث وجدتموها، وقال زيد بن أسلم: أيُّ كلب أعقر من الحية.

وقال آخرون: لا ينبغي أن تُقتل عوامر البيوت، وسكانها إلا بعد مناشدة العهد الذي أُخِذ عليهنّ، فإن ثبت بعد إنشاده قُتل، وذلك حِذارَ الإصابة، فيَلْحَقه ما لَحِق الفتى المعرس بأهله، حيث وَجَد حية على فراشه، فقتلها قبل مناشدته إياها.

واعتلّوا في ذلك بحديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - مرفوعًا: "إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا، فإن رأيتم منها شيئًا، فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك، فاقتلوه".

ولا تخالُف بينهما، وربما تمثَّل بعض الجنّ ببعض صور الحيات، فيظهر لأعين بني آدم، كما رَوَى ابن أبي مليكة، عن عائشة بنت طلحة، أن عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - رأت في مُغتسلها حيّة، فقتلتها، فأُتيت في منامها، فقيل لها: إنك قتلتِ مسلمًا، فقالت: لو كان مسلمًا ما دخل على أمهات المؤمنين، فقيل: ما دخل عليك إلا وعليك ثيابك، فأصبحت فَزِعَةً، ففرّقت في المساكين اثني عشر ألفًا، قال ابن نافع: لا تُنْذَر عوامر البيوت، إلا بالمدينة خاصّةً،