للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سنانٌ يُطعن به، جمعها رِماحٌ، وأرماحٌ (١)، (وَادْخُلِ الْبَيْتَ، حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِي أَخْرَجَنِي؟) "ما" استفهاميّة مبتدأ خبرها الموصول؛ أي: أيّ شيء الذي أخرجني من البيت؟ (فَدَخَلَ) الرجل البيت ليرى ما أخرجها منه، (فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ) "إذا" هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأه وجودها، وقوله: (مُنْطَوِيَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ) صفة لـ "حيّةٌ" بعد صفة، (فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ)؛ أي: مدّ إلى تلك الحيّة برمحه (فَانْتَظَمَهَا بِهِ)؛ أي: فطعنها، ثمّ انتظمها به، قال الطيبيّ: قوله: "فانتظمها"؛ أي: غرز الرمح في الحيّة حتى طواها فيه، فشبّهه بالسِّلْك الذي يُدخل في الخرز (٢). (ثُمَّ خَرَجَ) الرجل برمحه الذي انتظم به الحيّة (فَرَكَزَهُ) من بابي نصر، وضرب؛ أي: غرزه (فِي الدَّارِ، فَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ)؛ أي: اضطربت الحيّة صائلة على الرجل، (فَمَا يُدْرَى) بالبناء للمفعول؛ أي: ما يُعلم، وفي بعض النُّسخ: "فما ندري" بالنون، مبنيًّا للفاعل، (أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا، الْحَيَّةُ، أَمِ الْفَتَى؟)؛ يعني: أنهما ماتا في وقت واحد بحيث إنه لا يُعلم تقدّم موت أحدهما على الآخر؛ لكونه في وقت واحد. (قَالَ) أبو سعيد - رضي الله عنه - (فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، وَقُلْنَا: ادْعُ اللهَ يُحْيِيهِ لَنَا) لكونه حديث عهد بعُرس، فتستوحش المرأة الحديثة العُرْس، ويشتدّ حزنها عليه، رجوا بأن يستجيب الله تعالى دعاء نبيّه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الفتى؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أكرم على الله تعالى من أن يردّ دعاءه، وهذا ليس الأمر من الأمور المستحيلة، فقد جرى له - صلى الله عليه وسلم - آيات كثير من المعجزات، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - لم ير ذلك مصلحةً.

وقال القرطبيّ: وقولهم: "ادع الله أن يحييه لنا" قولٌ أخرجه منهم كثرةُ ما كانوا يشاهدون من إجابة دعواته - صلى الله عليه وسلم -، وعموم بركاته، ولمَا روى أئمتنا في كتبهم: أن رجلًا وأد ابنته، ثم أسلم، فجاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسأله أن يدعو الله في أن يحييها له، فانطلق معه إلى قبرها، فدعا، فناداها، فأحياها الله، فتكلمت معهما، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتريدين أن تنطلقي مع أبيك؟ أو ترجعي إلى ما كنت فيه؟ " فاختارت الرُّجوع إلى قبرها. انتهى (٣).


(١) "المعجم الوسيط" ١/ ٣٧١.
(٢) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ٩/ ٢٨٢٣.
(٣) "المفهم" ٥/ ٥٣٧.