للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): الحثّ على قتل الوزغ، والمبادرة فيه، قال النوويّ - رحمه الله -: أَمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقتله، وحَثَّ عليه، ورَغَّب فيه؛ لكونه من المؤذيات، وأما سبب تكثير الثواب في قتله بأول ضربة، ثم ما يليها، فالمقصود به الحثّ على المبادرة بقتله، والاعتناء به، وتحريض قاتله على أن يقتله بأول ضربة، فإنه إذا أراد أن يضربه ضربات، ربما انفلت، وفات قتله.

٥ - (ومنها): بيان تفاوت ثواب مَن قَتَله بضربة، أو أكثر، وذلك لتفاوت المبادرة في الامتثال، قال النوويّ - رحمه الله -: وأما تقييد الحسنات في الضربة الأولى بمائة، وفي رواية بسبعين، فجوابه من أوجُه، سبقت في: صلاة الجماعة تزيد بخمس وعشرين درجة، وفي روايات بسبع وعشرين:

أحدها: أن هذا مفهوم للعدد، ولا يُعمل به عند الأصوليين وغيرهم، فذِكر سبعين لا يمنع المائة، فلا معارضة بينهما.

الثاني: لعله أخبرنا بسبعين، ثم تصدّق الله تعالى بالزيادة، فأعلم بها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حين أوحي إليه بعد ذلك.

والثالث: أنه يختلف باختلاف قاتلي الوزغ بحسب نياتهم، وإخلاصهم، وكمال أحوالهم ونَقْصها، فتكون المائة للكامل منهم، والسبعون لغيره، والله أعلم. انتهى (١).

٦ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رحمه الله -: الوَزَغة: دُرَيّبةٌ مستخبثة، مستكرهة، أَمَرَ - صلى الله عليه وسلم - بقتله؛ لِمَا يحصل منه من الضرر، والأذى الذي هي عليه من الاستقذار المعتاد، والنَّفرة المألوفة؛ التي قد لازمت الطباع، ولِمَا يُتَّقى أن يكون فيها سُمٌّ، أو شيء يضرّ متناولَه، ولمَا رُوي: من أنها أعانت على وقود نار إبراهيم - عليه السلام -؛ فإنَّها كانت تنفخ فيه ليشتعل، وهذا من نوع ما رُوي في الحيَّة: أنَّها أَدخلت إبليس إلى الجنَّة بين فكّيها، فعوقبت بأن أُهبطت مع من أُهبط، وجُعلت العداوة بينها وبين بني آدم، ويشهد لهذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما سالمناهنَّ مُذ عاديناهنَّ"، وهذا كله مذكور في كتب المفسِّرين. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: الحديث المذكور صحيح، أخرجه ابن حبّان في


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ٢٣٤ - ٢٣٦.