للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وصله لمعمر، وأرسله ليونس، ولم أر من نبّه على ذلك، من الشراح، ولا من أصحاب الأطراف، فللَّه الحمد. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ظاهر صنيع الحافظ في كلامه الأخير أنه يرى صحّة رواية معمر الموصولة بأن الزهريّ رواه بالوجهين، فحدّث يونس بالإرسال، وحدّث معمرًا بالوصل، فتكون الروايتان ثابتتين عنه، لكن الذي يظهر أن الإرسال هو الأرجح؛ لكثرة من رواه، كما رجحه الدارقطنيّ، ولكن الجواب عن مسلم أنه أخرجه للاستشهاد، لا للاحتجاج، فلا انتقاد عليه، كما أوضحته سابقًا، وبالله تعالى التوفيق.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٥٨٣١] (٢٢٣٩) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْوَزَغِ: "الْفُوَيْسِقُ"، زَادَ حَرْمَلَةُ: قَالَتْ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ).

رجال هذا الإسناد: سبعة:

وكلّهم ذُكروا في الباب وقبله.

شرح الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ) أمّ المؤمنين - رضي الله عنها - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلْوَزَغِ)؛ أي: عن شأنه، وبيانه صفته، فاللام بمعن "عن"، كما في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} الآية [الأحقاف: ١١]، وكقول الشاعر [من الطويل]:

كَضَرَائِرِ الْحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا … حَسَدًا وَبُغْضًا إِنَّهُ لَدَمِيمُ (٢)

(الْفُوَيْسِقُ) تصغير فاسق، وهو تصغير تحقير مبالغة في الذمّ، وقيل: للتعظيم، والأول أصحّ، كما مرّ في الحديث الماضي، وقوله: (زَادَ حَرْمَلَةُ) يعني: ابن يحيى شيخه الثاني في روايته، (قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها - (وَلَمْ أَسْمَعْهُ)؛


(١) "الفتح" ٧/ ٥٨٩ - ٥٦٠، كتاب "بدء الخلق" رقم (٣٣٠٦).
(٢) راجع: "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ١/ ٤١٩ - ٤٢٠.