للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي صالح، عن أبي هريرة، رفعه: "ولا يقل العبد لسيده: مولاي"، فقد اختَلَف الرواة عن الأعمش في ذِكر هذه اللفظة، فلم يذكرها عنه آخرون، وحَذْفُها أصحّ، والله أعلم. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وقوله: "ولا يقل أحدُكم: ربِّي، وليقل: سيِّدي، ومولاي": هذا اللفظُ متفقٌ عليه عند أكثر الرواة، وفي رواية أبي سعيدٍ الأشجِّ، وأبي معاوية عن الأعمش مرفوعًا: "ولا يقل العبدُ لسيِّده: مولاي"، وانفرد أبو معاوية، فزاد: "وإن الله مولاكم"، وقد رواه عن الأعمش جرير، ولم يذكر ذلك، وقد رُوي من طرق متعددة مشهورة، وليس ذلك مذكورًا فيها، بل اللفظ الأول؛ فظهر بهذا: أن اللفظ الأول أرجح، وإنما صرنا للترجيح؛ للتعارض بين الحديثين، فإنَّ الأول يقتضي إباحة قول العبد: مولاي، والثاني يقتضي مَنْعه من ذلك، والجمع متعذر، والعلم بالتاريخ مفقود، فلم يَبْقَ إلا الترجيح؛ كما ذكرناه، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي في تضعيف رواية: "ولا يقل: مولاي" نظرٌ، فقد اتفق أبو معاوية، ووكيع عليها، وهما من الحفظ بمكان، ولا سيّما أبو معاوية فإنه أحفظ مَن روى عن الأعمش، بعد الثوريّ، فلا وجه لتضعيفها، فتأمل بالإمعان.

ويُجمع بينها وبين رواية: "وليقل: سيدي مولاي" بحمل النهي على التنزيه، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: رواية أبي معاوية عن الأعمش ساقها النسائيّ - رحمه الله - في "الكبرى"، فقال:

(١٠٠٧١) - أخبرنا محمد بن العلاء أبو كريب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقولنّ أحدكم: عبدي، فإن كلكم عبد، ولكن ليقل: فتاي، ولا يقل أحدكم: مولاي، فإن مولاكم الله، ولكن ليقل: سيدي". انتهى (٣).


(١) "إكمال المعلم" ٧/ ١٩٠، و"شرح النوويّ" ١٥/ ٧.
(٢) "المفهم" ٥/ ٥٥٣ - ٥٥٤.
(٣) "السُّنن الكبرى" للنسائيّ ٦/ ٦٩.