للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمد بن مسلم الزهريّ أنه (قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْر، أَنَّ عَائِشَةَ) - رضي الله عنهما - (زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) بالنصب على البدليّة، ويجوز قطعه على تقدير "هي"، ونصبه بتقدير "أعني" (أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) برفع "أولُ" على أنه مبتدأ خبره "الرؤيا … إلخ".

[تنبيه]: قال النوويّ رحمه الله: هذا الحديث من مراسيل الصحابة - رضي الله عنهم -، فإن عائشة - رضي الله عنهما - لم تُدرك هذه القضيّة، والقاعدة أن من حكى قصّة لم يدركها يكون منقطعًا، كما قال السيوطيّ رحمه الله في "ألفيّة الحديث":

وَكُلُّ مَنْ أَدْرَكَ قِصَّةً رَوَى … مُتَّصلٌ وَعيْرُهُ قَطْعًا حَوَى

فيحتمل أن تكون عائشة - رضي الله عنهما - سمعتها من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو من بعض الصحابة، وقد سبق في "شرح المقدّمة" أن مرسل الصحابيّ حجة عند جمهور العلماء، إلا ما انفرد به الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايينيّ، وإلى هذا أشار السيوطيّ رحمه الله في "ألفيّة الحديث" حيث قال:

وَمُرْسَلُ الصَّاحِبِ وَصْلٌ فِي الأَصَحْ … كَسَامِعٍ فِي كُفْرِهِ ثُمَّ اتَّضَحْ

إِسْلَامُهُ بَعْدَ وَفَاةٍ وَالَّذِي … رَآهُ لَا مُمَيِّزًا لَا تَحْتَ ذِي

وقال الطيبيّ رحمه الله بعد ذكره كلام النوويّ المذكور ما نصّه: أقول: والظاهر أنها سمعت من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لقولها: قال: "فأخذني، فغطّني"، فيكون قولها: "أولُ ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي" حكاية ما تلفّظ به - صلى الله عليه وسلم -، كقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} الآية [آل عمران: ١٢] بالتاء والياء على تأويل أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يؤدّي لفظ ما أوحي إليه، أو معناه، فلا يكون الحديث حينئذ من المراسيل. انتهى (١).

[تنبيه آخر]: قال في "الفتح" بعد نقل كلام النوويّ من أن هذا من مراسيل الصحابة؛ لأن عائشة لم تدرك هذه القصة … إلخ، ما نصّه: وتعقّبه مَن لم يَفْهَم مراده، فقال: إذا كان يجوز أنها سمعتها من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يَجزِم بأنها من المراسيل؟.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٢/ ٣٧١٤.