للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تُسمّ (١)، (مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)؛ أي: أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل - عليه السلام -، (قَصِيرَةٌ، تَمْشِي مَعَ امْرَأَتَيْنِ)؛ أي: بينهما، ولم تُسَمَّ المرأتان أيضًا (٢)، (طَوِيلَتَيْنِ، فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ)؛ أي: لتُطَوِّل قامتها، فتكون متناسبة مع صاحبتيها، (وَخَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، مُغْلَقٍ، مُطْبَقٍ) بالجرّ صفة لذهب، وفي بعض النُّسخ: "مغلقًا مطبقًا" بالنصب صفة لخاتم، وهو الأنسب والأوضح، والمعنى أن الخاتم كان مجوّفًا، ليس له منفذ، وقد حشته مسكًا (٣)، وقيل: الخاتم المغلق هو المربوط المشدود وسطه عند ملتقى الطرفين بغَلَق كغَلَق الباب، والْمُطبَق هو المجعول فصّه كالطبق عليه (٤).

وقوله: (ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكًا)؛ أي: ملأت ذلك الخاتم مسكًا، يقال: حشوت الوسادة، وغيرها بالقطن أحشوه حشوًا، من باب نصر: إذا ملأتها.

قال النوويّ - رحمه الله -: وأما اتّخاذ المرأة القصيرة رجلين من خشب حتى مشت بين الطويلتين، فلم تُعْرَف، فحُكمه في شرعنا أنها إن قصدت به مقصودًا صحيحًا شرعيًّا، بأن قصدت سَتْر نفسها؛ لئلا تُعرف، فتُقصد بالأذى، أو نحو ذلك، فلا بأس به، وإن قصدت به التعاظم، أو التشبه بالكاملات؛ تزويرًا على الرجال، وغيرهم فهو حرام. انتهى (٥).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: يَحْتَمِل: أن تكون هذه المرأة فعلت هذا لتستر قِصَرَها عن الناس، فلا ينظرن إليها، ولعل قِصَرها كان خارجًا عن غالب أحوال القِصَر، فإنْ كان هذا، فلا إثم عليها؛ لصحة قصدها، وحُسْن تستّرها، وإن كانت فعلت ذلك لتتزيَّن بإلحاقها نفسها بالطوال، فذلك ممنوع منه، فإنَّه من باب تغيير خلق الله، كما تقدَّم، وأما اتخاذها خاتم الذهب فجائز للنساء، على ما ذكرناه، وأما اتخاذها المسك، فمباح لها في بيتها، ويُلْحَق بالمندوب إذا قصدت به حسن التبعّل للزوج، وأما إذا خرجت، فإنْ قصدت أن يجد الرِّجال ريحها، فهي زانية؛ كما قاله النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومعناه: أنها بمنزلة الزانية في


(١) راجع: "تنبيه المعلم" ص ٣٨٥.
(٢) راجع: "تنبيه المعلم" ص ٣٨٥.
(٣) راجع: "تكملة فتح الملهم" ٤/ ٤١٩.
(٤) راجع: شرح الشيخ الهرريّ ٢٢/ ٣٩٩.
(٥) "شرح النوويّ" ١٥/ ٩.