للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيها منها، لا من العنبر، والذي غَرّ قائله أنه لا يتغير على مَرّ الزمان، كالذهب، وهذه خُصوصيّة واحدة، لا تقاوم ما في المسك من الخواصّ.

قال: وللمسك مزيد خصوصية، حيث جاء ذكره في التنزيل، وذلك غاية التشريف، والتبجيل، قاله الله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)} [المطففين: ٢٥، ٢٦]، ومن منافعه أنه يُطَيِّب العَرَق، ويُسَخِّن الأعضاء، ويمنع الأرياح الغليظة المتولدة في الأمعاء، ويقوي القلب، ويشجع أصحاب الْمِرّة السوداء، وفيه من التوحش تفريح، ومن السُّدَد تفتيح، ويُصلح الأفكار، وَيذهب بحديث النفس، ويقوي الأعضاء الظاهرة والباطنة شربًا، ويُعين على الباءة، وينفع من داء الصداع، ويقوي الدماغ، وينفع من جميع علله الباردة، ويُبطل عمل السموم، وغير ذلك. انتهى كلام المناويّ - رحمه الله - بتصرّف (١).

٣ - (ومنها): ما قال النوويّ - رحمه الله -: فيه أن المسك أطيب الطيب، وأفضله، وأنه طاهر يجوز استعماله في البدن والثوب، ويجوز بيعه، وهذا كله مُجْمَعٌ عليه، ونَقَل أصحابنا فيه عن الشيعة مذهبًا باطلًا، وهم محجوجون بإجماع المسلمين، وبالأحاديث الصحيحة في استعمال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - له، واستعمال أصحابه، قال أصحابنا وغيرهم: هو مستثنى من القاعدة المعروفة أن ما أُبِين من حيّ فهو ميت، أو يقال: إنه في معنى الجنين، والبيض، واللبن. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٥٨٦٨] (. . .) - (حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خُلَيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَالْمُسْتَمِرِّ قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا نَضْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ امْرَأةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، حَشَتْ خَاتَمَهَا مِسْكًا، وَالْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ).


(١) "فيض القدير على الجامع الصغير" ١/ ٥٤٧.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ٨ - ٩.