للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمعروف من السَّلف إجماعهم على جواز استعماله، واقتداؤهم بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قال النوويّ: أجمعوا على أن المسك طاهر، يجوز استعماله في البدن والثوب، ويجوز بيعه، ونقل أصحابنا عن الشيعة فيه مذهبًا باطلًا، وهو مستثنى من القاعدة: ما أُبين من حَيّ فهو ميت. انتهى.

وحَكَى ابن التين عن ابن شعبان من المالكية، أن فأرة المسك إنما تؤخذ في حال الحياة، أو بذكاة من لا تصح ذكاته من الكفرة، وهي مع ذلك محكوم بطهارتها؛ لأنها تستحيل عن كونها دمًا حتى تصير مسكًا، كما يستحيل الدم إلى اللحم، فيطهر، ويحلّ أكله، وليست بحيوان، حتى يقال: نجست بالموت، وإنما هي شيء يَحْدُث بالحيوان، كالبيض.

وقد أجمع المسلمون على طهارة المسك، إلا ما حُكِي عن عمر - رضي الله عنه - من كراهته، وكذا حَكَى ابن المنذر عن جماعة، ثم قال: ولا يصح المنع فيه إلا عن عطاء، بناءً على أنه جزء منفصل. انتهى (٢).

٢ - (ومنها): ما قال ابن القيّم - رحمه الله -: المسك: مَلِك أنواع الطِّيب، وأشرفها، وأطيبها، وهو الذي تُضرب به الأمثال، ويشبَّه به غيره، ولا يشبَّه بغيره، وهو كُثبان الجنة، وهو حارّ يابس في الثانية، يَسُرّ النفسَ، ويقويها، ويقوي الأعضاء الباطنة جميعها شربًا وَشَمًّا، والظاهرةَ إذا وُضع عليها نافع للمشايخ، والمبرودين، لا سيما زمن الشتاء جَيِّد للغشي، والخفقان، وضَعْف القوّة بإنعاشه للحرارة الغريزية، ويجلو بياض العين، وينشف رطوبتها، ويَفْشُ الرياح منها، ومن جميع الأعضاء، ويبطل عمل السموم، وينفع من نَهْش الأفاعي، ومنافعه كثيرةٌ جدًّا، وهو من أقوى المفرِّحات. انتهى (٣).

ونقل المناويّ - رحمه الله - عن ابن القيّم - رحمه الله -، قال: وأخطأ من قَدَّم عليه - أي: المسك - العنبرَ، كيف، وهو طِيب الجنة؟ والكثبان التي هي مقاعد الصديقين


(١) "المفهم" ٥٥٧.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٥١٨، كتاب "الذبائح" رقم (٥٥٣٣).
(٣) "زاد المعاد" ٤/ ٣٥٦.