للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التثليث قبل كلّ منهما، راجع: شروح "الخلاصة"، و"حواشيها" (١)، وقد تقدّم هذا البحث بأتمّ من هذا، ولله الحمد.

(فَإِنَّهُ خَفِيفُ الْمَحْمِلِ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: المحمَل - بفتح الميم - يعني: به الْحَمْل، وهو مصدر: "حَمَل"، وبفتح الأُولى، وكسر الثانية: هو الزمان، والمكان، وقد يقال في الزمان بالفتح في الثانية. والمحمل - أيضًا -: واحد محامل الحاجِّ. والْمِحمَل - بكسر الأولى، وفتح الثانية: واحد محامل السيف. وقد أشار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بهذا القول إلى العلة التي تُرَغِّب في قَبول الطِّيب من الْمُعْطِي، وهي: أنه لا مُؤْنة، ولا مِنة تَلْحَق في قبوله؛ لجريان عادتهم بذلك، ولسهولته عليهم، ولنزارة ما يُتناول منه عند العَرْض، ولأنَّه مِمَّا يستطيبه الإنسان من نفسه، ويستطيبه من غيره.

وفيه من الفقه: الترغيب في استعمال الطيب، وفي عَرْضه على من يستعمله. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: بفتح الميم الأولى، وكسر الثانية، كالْمَجْلِس، والمراد به الْحَمل - بفتح الحاء -؛ أي: خفيف الحمل، ليس بثقيل. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "وكسر الثانية" فيه نظر، بل الصواب بفتح الميمين؛ لأن المراد هنا المصدر، والقاعدة أن المصدر الميميّ من الثلاثيّ الذي مضارعه بكسر عين الكلمة، يكون بفتحها، كمَضرَب، ومَحْمَل، وأما بكسرها، فإنه للزمان والمكان، ولا يناسبان هنا، فتبصّر بالإمعان، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم.

(طَيِّبُ الرِّيحِ")؛ أي: لأنه مما يستطيبه الإنسان من نفسه، ومن غيره، فلا ينبغيّ ردّه، والله تعالى أعلم.


(١) راجع: "حاشية الخضريّ على شرح ابن عَقِيل على الخلاصة" في "باب الإدغام" ٢/ ٣٢٩.
(٢) "المفهم" ٥/ ٥٥٨.
(٣) "شرح النووي" ١٥/ ٩.