للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَطِنت، وعَلِمت، وسُمِّي شاعرًا؛ لِفِطْنته، وعِلمه به، فإذا لم يقصده فكأنه لم يَشْعُر به، وهو مصدر في الأصل، يقال: شَعَرْتُ أَشْعُرُ، من باب قتل: إذا قلته، وجَمْع الشَّاعِرِ شُعَرَاءُ، وجمع فاعل على فُعلاء نادرٌ، ومثله عاقل وعُقلاء، وصالح وصُلحاء، وبارح وبُرحاء، عند قوم، وهو شِدّة الأذى، من التبريح، وقيل: الْبُرَحاء غير جمع، قال ابن خالويه: وإنما جُمِع شَاعِرٌ على شُعَرَاءَ؛ لأن من العرب من يقول: شَعُرَ بالضم، فقياسه أن تجيء الصفة على فَعِيلٍ، نحو شَرُف فهو شريفٌ، فلو قيل كذلك لالتبس بِشَعِيرٍ الذي هو الحَبّ، فقالوا: شَاعِرٌ، ولَمَحُوا في الجمع بناءه الأصليّ، وأما نحو عُلماء، وحُلماء، فجَمْع عليم، وحليم، وشَعَرْتُ بالشيء شُعورًا، من باب قعد، وشِعْرًا، وشِعْرَةً بكسرهما: علمت، وليت شِعري: ليتني علمت. انتهى (١).

وقال البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه": "باب ما يجوز من الشعر، والرجز، والحداء".

قال في "الفتح": أما الشعر: فهو في الأصل اسم لِمَا دَقّ، ومنه: ليت شعري، ثم استُعمل في الكلام الْمُقَفَّى الموزون قصدًا، ويقال: أصله الشَّعَرُ بفتحتين، يقال: شَعَرت: أصبت الشعر، وشَعَرت بكذا: عَلِمت علمًا دقيقًا كإصابة الشعر.

وقال الراغب: قال بعض الكفار عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنه شاعر، فقيل: لِمَا وقع في القرآن من الكلمات الموزونة، والقوافي، وقيل: أرادوا أنه كاذبٌ، لأن أكثر ما يأتي به الشاعر كَذِبٌ، ومن ثَمَّ سَمُّوا الأدلة الكاذبة شعرًا، وقيل في الشعر: أحسنه أكذبه، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦)} [الشعراء: ٢٢٦]، ويؤيد الأول ما ذُكر في حدّ الشعر أن شَرْطه القصد إليه، وأما ما وقع موزونًا اتفاقًا فلا يسمى شعرًا.

وأما الرجز: فهو - بفتح الراء، والجيم، بعدها زاي - وهو نوع من الشعر عند الأكثر، وقيل: ليس بشعر؛ لأنه يقال: راجز، لا شاعر، وسُمّي رجزًا؛


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣١٥.