للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لِتقارُب أجزائه، واضطراب اللسان به، ويقال: رَجَزَ البعير: إذا تقارب خطوه، واضطرب؛ لِضَعف فيه.

وأما الْحُداء: فهو - بضم الحاء، وتخفيف الدال المهملتين، يُمَدّ، ويُقْصَر -: سَوْق الإبل بضرب مخصوص من الغناء، والحداءُ في الغالب إنما يكون بالرجز، وقد يكون بغيره من الشعر، ولذلك عَطَفه على الشعر، والرجز، وقد جرت عادة الإبل أنها تُسرع السير إذا حُدي بها.

وأخرج ابن سعد بسند صحيح، عن طاوس مرسلًا، وأورده البزار موصولًا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - دخل حديث بعضهم في بعض، أن أول من حدا الإبل عبدٌ لمضر بن نِزار بن معدّ بن عدنان، كان في إبل لمضر، فقصّر فضربه مضر على يده، فأوجعه، فقال: يا يداه، يا يداه، وكان حسن الصوت، فأسرعت الإبل لمّا سمعته في السير، فكان ذلك مبدأ الحداء.

ونقل ابن عبد البرّ الاتفاق على إباحة الحداء، وفي كلام بعض الحنابلة إشعار بنقل خلاف فيه، ومانعه محجوج بالأحاديث الصحيحة، ويلتحق بالحداء هنا الْحَجِيج المشتمل على التشوق إلى الحجّ بذِكر الكعبة، وغيرها من المشاهد، ونظيره ما يُحَرِّض أهل الجهاد على القتال، ومنه غناء المرأة لتسكين الولد في المهد. انتهى (١).

(المسألة الثانية): قد اختُلف في جواز تمثّل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بشيء من الشعر، وإنشاده حاكيًا عن غيره، والصحيح جوازه، وقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد"، والترمذيّ، وصححه، والنسائيّ، من رواية المقدام بن شُريح، عن أبيه، قلت لعائشة - رضي الله عنها -: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان يتمثل من شعر ابن رواحة:

وَيَأْتِيكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ

وأخرج ابن أبي شيبة نحوه، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأخرج أيضًا من مرسل أبي جعفر الْخَطْميّ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبني المسجد، وعبد الله بن رواحة يقول:


(١) "الفتح" ١٤/ ٦ - ٧، كتاب "الأدب" رقم (٦١٤٦).