أَفْلَحَ مَنْ يُعَالِجُ الْمَسَاجِدَا
فيقولها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقول ابن رواحة:
يَتْلُو الْقُرْآنَ قَائِمًا وَقَاعِدَا
فيقولها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما ما أخرجه الخطيب في "التاريخ" عن عائشة - رضي الله عنها -:
تَفَاءَلْ بِمَا تَهْوَى يَكُنْ فَلَقَلَّمَا … يُقَالُ لِشَيْءٍ كَانَ إلَّا تَحَقَّقْ
قالت: وإنما لم يعربه؛ لئلا يكون شعرًا، فهو شيء لا يصحّ، ومما يدل على وهائه التعليل المذكور. انتهى (١).
(المسألة الثالثة): قد عُلم مما سبق أن الشعر لا يسمّى شعرًا إلا إذا كان قائله قاصدًا له، فالكلام الواقع منظومًا من غير قَصْد إليه، لا يسمى ذلك شعرًا، وقد وقع الكثير من ذلك في القرآن العظيم، لكن غالبها أشطار أبيات، والقليل منها وقع وزن بيت تامّ، فمن التام قوله تعالى {الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ} [التوبة: ١١٢]، {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: ٢٣]، {مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} [التحريم: ٥]، {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦)} [الذاريات: ٢٦]، {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩)} [الحجر: ٤٩]، {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]، {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ} [الأنفال: ٣٨]، {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: ١٣]، {وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: ١٩٧]، {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤)} [ص: ٥٤]، {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [البقرة: ٨٥]، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ} [الروم: ٣٠]، {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (٤٩)} [الطور: ٤٩]، وكذلك السجود، {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: ٢١٣]، {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: ٢٣]، {يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ} [البقرة: ٢٤٨]، {وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: ١٥]، {وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: ١٤]، {وَلَقَدْ ضَلَّ
(١) "الفتح" ١٤/ ٦ - ٧، كتاب "الأدب" رقم (٦١٤٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute