للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المبعث بعشر سنين، في شهر رمضان، وقيل: بثمان، وقيل: بسبع، فأقامت معه - صلى الله عليه وسلم - خمسًا وعشرين على الصحيح، وقال ابن عبد البر: أربعًا وعشرين سنة وأربعة أشهر.

ورَوَى الفاكهيّ في "كتاب مكة" عن أنس - رضي الله عنه - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان عند أبي طالب، فاستأذنه أن يتوجه إلى خديجة، فأَذِنَ له، وبَعَثَ بعده جاريةً له، يقال لها: نبعة، فقال لها: انظري ما تقول له خديجة، قالت نبعة: فرأيت عَجَبًا، ما هو إلا أن سَمِعَت به خديجةُ، فخَرَجت إلى الباب، فأخذت بيده، فضمّتها إلى صدرها ونحرها، ثم قالت: بأبي وأمي، والله ما أفعل هذا لشيء، ولكني أرجو أن تكون أنت النبي الذي ستُبْعَث، فإن تكن هو، فاعرف حقي ومنزلتي، وادع الإله الذي يبعثك لي، قالت: فقال لها: "والله لئن كنت أنا هو قد اصطنعت عندي ما لا أُضِيعه أبدًا، وإن يكن غيري، فإن الإله الذي تصنعين هذا لأجله لا يُضِيعك أبدًا". ذكره في "الفتح" (١).

(فَيَتَزَوَّدُ) وفي رواية للبخاريّ في "التعبير": "فتُزوِّده"، أي: خديجة - رضي الله عنها -، قال في "الفتح": خَصَّ خديجة بالذكر بعد أن عَبَّر بالأهل، إما تفسيرًا بعد إبهام، وإما إشارةً إلى اختصاص التزود بكونه من عندها دون غيرها. انتهى.

(لِمِثْلِهَا) الضمير للّيالي، أو المرة، أو الفَعْلة، أو الخلوة، أو العبادة.

ثم يحتمل أن يكون المراد أنه يتزَوّد، ويخلو أيامًا، ثم يرجع، ويتزوّد، ويخلو أيامًا، ثم يرجع ويتزود، ويخلو أيامًا إلى أن ينقضي الشهر، ويحتمل أن يكون المراد أن يتزود لمثلها إذا حال الحول، وجاء ذلك الشهر الذي جَرَت عادته أن يخلو فيه، وهذا استظهره الحافظ رحمه الله. ويؤخذ منه إعداد الزاد للمختلي، إذا كان بحيث يتعذر عليه تحصيله؛ لبعد مكان اختلائه من البلد مثلًا، وأنّ ذلك لا يَقْدَح في التوكل، وذلك لوقوعه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد حصول النبوة له بالرؤيا الصالحة، وإن كان الوحي في اليقظة قد تراخى عن ذلك، قاله في "الفتح" (٢).


(١) "الفتح" ٧/ ١٦٧ "كتاب المناقب" رقم الحديث (٣٨٢١).
(٢) ١٢/ ٣٧٢، و ٨/ ٥٨٨.