للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والترمذيّ، وصححه ابن حبّان، عن أبي رَزين الْعُقيليّ، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "الرؤيا على رجل طائر، ما لَمْ تُعبَّر، فإذا عُبِّرت وقعت -قال: وأحسبه- قال: ولا يقصّها إلَّا على وادّ، أو ذي رأي" (١).

وقوله: (فَلْيُبْشِرْ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هكذا هو في معظم الأصول: "فَلْيُبْشِرْ" بضم الياء، وبعدها باء ساكنة، من الإبشار، والبشري، وفي بعضها: بفتح الياء، وبالنون، من النشر، وهو الإشاعة، قال القاضي في "المشارق"، وفي "الشرح": هو تصحيف، وفي بعضها: "فليستر" بسين مهملة، من الستر، والله أعلم. انتهى (٢).

وقوله: (وَلَا يُخْبِرْ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ") وفي رواية الترمذيّ: "لا يحدّث بها إلَّا لبيبًا، أو حبيبًا أي: لأنه إذا حدّث بها من لا يحبّ قد يفسرها بما لا يحب، إما بغضًا، وإما حسدًا، فقد يقع على تلك الصفة، أو يتعجل لنفسه من ذلك حزنًا، ونَكَدًا، فأُمر بترك تحديث من لا يحب؛ لسبب ذلك، وقد رُوي مرفوعًا: "الرؤيا لأول عابر"، وهو ضعيف، لكن له شاهد عند أبي داود، والترمذيّ، وابن ماجه، بسند حسن، وصححه الحاكم، عن أبي رزين العُقيليّ، رفعه: "الرؤيا على رجل طائر، ما لَمْ تعبَّر، فإذا عُبِّرت وقعت"، قال أبو عبيدة وغيره: معناه إذا كان العابر الأول عالِمًا، فعبَّر، وأصاب وجه التعبير، وإلا فهي لمن أصاب بعده؛ إذ ليس المدار إلَّا على إصابة الصواب في تعبير المنام؛ ليتوصل بذلك إلى مراد الله تعالى فيما ضَرَب من المثل، فإذا أصاب فلا ينبغي أن يسأل غيره، وإن لَمْ يُصِب فليسأل الثاني، وعليه أن يُخبر بما عنده، ويبيّن ما جَهِل الأول، وفيه بحث يطول ذكره، قاله الزرقانيّ -رَحِمَهُ الله- (٣).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.


(١) صححه ابن حبّان، والشيخ الألبانيّ، وحسّنه الحافظ في "الفتح".
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٩ - ٢٠.
(٣) شرح الزرقانيّ على الموطّأ" ٤/ ٤٥٤.