للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-) أَنَّه (قَالَ: "إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ) قال الخطابيّ في "المعالم" (١): في قوله: "إذا اقترب الزمان" قولان:

أحدهما: أن يكون معناه تقارب زمان الليل وزمان النهار، وهو وقت استوائهما أيام الربيع، وذلك وقت اعتدال الطبائع الأربع غالبًا، وكذلك هو في الحديث، والمعبِّرون يقولون: أصدق الرؤيا ما كان وقت اعتدال الليل والنهار، وإدراك الثمار، ونقله في "غريب الحديث" عن أبي داود السجستانيّ، ثم قال: والمعبِّرون يزعمون أن أصدق الأزمان لوقوع التعبير وقت انفتاق الأزهار، وإدراك الثمار، وهما الوقتان اللذان يعتدل فيهما الليل والنهار.

والقول الآخر: أن اقتراب الزمان انتهاء مدته، إذا دنا قيام الساعة. انتهى. وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة الخامسة -إن شاء الله تعالى-.

وقوله: (لَمْ تَكَدْ رُؤَيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ)؛ أي: لَمْ تقارب الكذب، وفيه إشارة إلى غلبة الصدق على الرؤيا، وإن أمكن أن شيئًا منها لا يصدق، والراجح أن المراد: نفي الكذب عنها أصلًا؛ لأن حرف النفي الداخل على "كاد" ينفي قرب حصوله، والنافي لقرب حصول الشيء أدلّ على نفيه نفسه، ويدلّ عليه قوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: ٤٠]، ذكره الطيبيّ (٢).

وقال القرطبيّ في "المفهم": قيل في اقتراب الزمان قولان:

أحدهما: تقارب الليل والنهار في الاعتدال، وهو الزمان الذي تتفتق فيه الأزهار، وتينع فيه الثمار، وموجب صدق الرؤيا في ذلك الزمان اعتدال الأمزجة فيه؛ فلا يكون في المنام أضغاث الأحلام، فإنَّ من موجبات التخليط فيها غلبة بعض الأخلاط على صاحبها.

وثانيهما: أن المراد بذلك: آخر الزمان المقارب للقيامة. وقد روي عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من طريق معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه


(١) "معالم السُّنن" ٤/ ١٢٩.
(٢) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ٩/ ٣٠٠٣.