في "المستدرك"(٤/ ٣٩٣)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(١١/ ٣٧٢)، و (البيهقيّ) في "دلائل النبوّة"(٧/ ٤٥ و ٤٦)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٣٢٨٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان وقوع رؤية النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في المنام.
٢ - (ومنها): بيان أن رؤيته -صلى الله عليه وسلم- حقّ من الله سبحانه وتعالى، وليست من أضغاث الأحلام، ولا تلاعب الشيطان.
قال القاضي عياضٌ: قال بعض العلماء: خَصّ الله تعالى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأن رؤية الناس إياه صحيحة، وكلها صدق، ومَنَع الشيطان أن يتصور في خلقته؛ لئلا يكذب على لسانه في النوم، كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء -عليهم السلام- بالمعجزة، وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة، ولو وقع لاشتبه الحقّ بالباطل، ولم يوثَق بما جاء به مخافة من هذا التصور، فحماها الله تعالى من الشيطان، ونزغه، ووسوسته، وإلقائه، وكيده، قال: وكذا حمى رؤيتهم نفسهم، قال القاضي: واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام، وصحتها، وإن رآه الإنسان على صفة لا تليق بحاله من صفات الأجسام؛ لأن ذلك المرئي غير ذات الله تعالى؛ إذ لا يجوز عليه -سبحانه وتعالى- التجسم، ولا اختلاف الأحوال، بخلاف رؤية النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن الباقلانيّ: رؤية الله تعالى في المنام خواطر في القلب، وهي دلالات للرائي على أمور، مما كان، أو يكون؛ كسائر المرئيات، والله أعلم (١).
٣ - (ومنها): بيان ما أكرم الله -عزّ وجلّ- نبيّه -صلى الله عليه وسلم- حيث منع الشيطان أن يتصوّر بصورته الشريفة.
٤ - (ومنها): أن رؤيته -صلى الله عليه وسلم-، وإن كانت حقًّا، فإنّها لا تغيّر ما ثبت من شرعه، فإن رآه الرائي يأمره بشيء مما ثبت في السنن الصحيحة، فتلك كرامة، وتثبيت له على سُنَّته -صلى الله عليه وسلم-، فهي بشرى حقيقيّة، فليشكر الله تعالى عليها، وإن رآه يأمره بشيء من البدع، والخرافات، فإنها رؤيا دخلها غلط، فلا يُعتمد عليها.