للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَتَدَعَنِّي) -بتشديد النون- وفي رواية سليمان: "ائذن لي". (فَلأَعْبُرَنَّهَا) هكذا باللام، ونون التوكيد المشدّدة، وللبخاريّ: "فأعبُرها"، يقال: عَبَرتُ الرؤيا، من باب نصر عَبْرًا، وعِبَارةً: فسّرتها، وبالتثقيل مبالغة، وفي التنزيل: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: ٤٣] (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "والله لتدعني فلأعبرها" هذه الفاء زائدة، و"أعبرها" منصوب بلام "كي"، ويصح أن تكون لام الأمر، فتجزم، ولا تكون لام القسم لِمَا يلزم مِن فَتْحها، ومن دخول النون في فِعْلها.

وفيه من الفقه: جواز الحلف على الغير، وإبرار الحالف، فإنَّه -صلى الله عليه وسلم- أجاب طَلِبَتَه، وأبرَّ قَسَمه، فقال له: "اعبُر"، ويدل على تمكُّن أبي بكر -رضي الله عنه- من علم عبارة الرؤيا، ووجه عبارة أبي بكر لهذه الرؤيا واضحة، ومناسباتها واقعة، غير أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لمّا قال له: "أصبت بعضًا، وأخطأت بعضًا"، ولم يبيِّن له ما الذي أخطأ فيه، اختلف الناس فيه، على ما سيأتي بعد ذلك. انتهى (٢).

(قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اعْبُرْهَا") بوصل الهمزة، وضمّ الموحّدة، من باب نصر، كما أسلفته آنفًا، وفي رواية سفيان عند ابن ماجه: "عَبِّرها" بالتشديد، وفي رواية سفيان بن حسين: "فَأَذِنَ له"، زاد سليمان: "وكان من أعبر الناس للرؤيا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

(قَالَ أَبُو بَكْرٍ) -رضي الله عنه- (أمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الإِسْلَامِ) وفي رواية للبخاريّ: "وأما الظلة فالإسلام"، قال الحافظ: وفي رواية لابن وهب، وكذا لمعمر، والزُّبيديّ: "فظلة الإسلام"، ورواية سفيان كرواية الليث، وكذا سليمان بن كثير، وهي التي يظهر ترجيحها. انتهى.

(وَأَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ) بضمّ الطاء، وكسرها، قال المجد -رحمه الله-: نَطَفَ الماءُ؛ كَنَصَرَ، وضَرَبَ نَطْفًا، وتَنْطافًا، بفتحِهِما، ونَطَفانًا، ونِطافَةً بالكسر: سالَ. انتهى (٣).

(مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَالْقُرْآنُ، حَلَاوَتُهُ وَلِينُهُ) وفي رواية للبخاريّ: "فالقرآن


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٨٩.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣١ - ٣٢.
(٣) "القاموس المحيط" ١/ ١١٠٨.