للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يسار، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجرٌ، يَختلف -يعني: في التجارة- فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: إن زوجي غائبٌ، وتركني حاملًا، فرأيت في المنام أن سارية بيتي انكسرت، وأني ولدت غلامًا أعور، فقال: "خير، يرجع زوجك، إن شاء الله صالِحًا، وتلدين غلامًا بَرًّا"، فذكرت ذلك ثلاثًا، فجاءت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- غائب، فسألتها، فأخبرتني بالمنام، فقلت: لئن صدقت رؤياك ليموتنّ زوجك، وتلدين غلامًا فاجرًا، فقعدت تبكي، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "مَهْ يا عائشة، إذا عَبَرتم للمسلم الرؤيا، فاعبروها على خير، فإن الرؤيا تكون على ما يَعْبُرها صاحبها".

وعند سعيد بن منصور من مرسل عطاء بن أبي رباح قال: "جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: إني رأيت كأن جائز بيتي انكسر، وكان زوجها غائبًا، فقال: رَدّ الله عليك زوجك، فرجع سالِمًا … " الحديث، ولكن فيه أن أبا بكر، أو عمر هو الذي عَبَر لها الرؤيا الأخيرة، وليس فيه الخبر الأخير المرفوع، فأشار البخاري إلى تخصيص ذلك بما إذا كان العابر مصيبًا في تعبيره، وأَخَذه من قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر في حديث الباب: "أصبت بعضًا، وأخطأت بعضًا"، فإنه يؤخذ منه أن الذي أخطأ فيه لو بيّنه له لكان الذي بيّنه له هو التعبير الصحيح، ولا عبرة بالتعبير الأول.

قال أبو عبيد، وغيره: معنى قوله: "الرؤيا لأول عابر" إذا كان العابر الأول عالمًا، فعَبَر، فأصاب وجه التعبير، وإلا فهي لمن أصاب بعده؛ إذ ليس المدار إلا على إصابة الصواب في تعبير المنام؛ ليتوصل بذلك إلى مراد الله فيما ضربه من المثل، فإذا أصاب فلا ينبغي أن يسأل غيره، وإن لم يُصِب فليسأل الثاني، وعليه أن يخبر بما عنده، ويبيّن ما جَهِل الأول.

قال الحافظ: وهذا التأويل لا يساعده حديث أبي رَزِين: "إن الرؤيا إذا عبّرت وقعت" إلا أن يُدَّعَى تخصيص "عبرت" بأن عابرها يكون عالمًا مصيبًا، فيعكر عليه قوله في الرؤيا المكروهة: "ولا يُحَدّث بها أحدًا" فقد تقدم في حكمة هذا النهي أنه ربما فَسَّرها تفسيرًا مكروهًا على ظاهرها، مع احتمال أن تكون محبوبة في الباطن، فتقع على ما فَسَّر.

ويمكن الجواب بأن ذلك يتعلق بالرائي، فله إذا قصها على أحد، ففسَّرها