(المسألة الرابعة): في تكميل ما سبق في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أصبت بعضًا، وأخطأت بعضًا":
قال المهلَّب -رَحِمَهُ اللهُ-: وموضع الخطإ في قوله: "ثم وُصِل له"؛ لأن في الحديث:"ثم وُصِل"، ولم يذكر "له".
وتعقّبه الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-، فقال: بل هذه اللفظة، وهي قوله:"له"، وإن سقطت من رواية الليث عند الأصيليّ، وكريمة، فهي ثابتة في رواية أبي ذرّ عن شيوخه الثلاثة، وكذا في رواية النسفيّ، وهي ثابتة في رواية ابن وهب وغيره كلهم عن يونس، عند مسلم وغيره، وفي رواية معمر عند الترمذيّ، وفي رواية سفيان بن عيينة عند النسائيّ، وابن ماجه، وفي رواية سفيان بن حسين، عند أحمد، وفي رواية سليمان بن كثير، عند الدارميّ، وأبي عوانة، كلهم عن الزهريّ، وزاد سليمان بن كثير في روايته:"فوُصِل له، فاتَّصَل".
قال: ثم بنى المهلّب على ما توهّمه، فقال: كان ينبغي لأبي بكر أن يقف حيث وقفت الرؤيا، ولا يذكر الموصول له، فإن المعنى أن عثمان انقطع به الحبل، ثم وُصِل لغيره، أي: وُصلت الخلافة لغيره. انتهى.
قال الحافظ: وقد عرفت أن لفظة: "له" ثابتة في نفس الخبر، فالمعنى على هذا أن عثمان كاد ينقطع عن اللحاق بصاحبيه، بسبب ما وقع له من تلك القضايا التي أنكروها، فعَبَّر عنها بانقطاع الحبل، ثم وقعت له الشهادة، فاتصل بهم، فعَبَّر عنه بأن الحبل وُصِل له، فاتَّصَل، فالتحق بهم، فلم يتم في تبيين الخطأ في التعبير المذكور ما توهّمه المهلَّب.
قال: والعجب من القاضي عياض، فإنه قال في "الإكمال": قيل: خطؤه في قوله: "فوُصِل له"، وليس في الرؤيا إلا أنه "وُصِل"، وليس فيها "له"، ولذلك لم يوصَل لعثمان، وإنما وُصلت الخلافة لعليّ، وموضع التعجب سكوته عن تعقب هذا الكلام، مع كون هذه اللفظة، وهي "له" ثابتة في "صحيح مسلم" الذي يتكلم عليه.
ثم قال: وقيل: الخطأ هنا بمعنى الترك؛ أي: تركت بعضًا، لم تفسِّره.
وقال الإسماعيليّ: قيل: السبب في قوله: "وأخطأت بعضًا" أن الرجل
لمّا قَصّ على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رؤياه كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أحقّ بتعبيرها من غيره، فلما طَلَب