للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الحديث الحثّ على علم الرؤيا، والسؤال عنها، وتأويلها، قال العلماء: وسؤالهم محمول على أنه -صلى الله عليه وسلم-، يُعَلِّمهم تأويلها، وفضيلتها، واشتمالها على ما شاء الله تعالى من الإخبار بالغيب، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

[تنبيه]: رواية سليمان بن كثير عن الزهريّ هذه ساقها الدارميّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "سننه"، فقال:

(٢١٥٦) - أخبرنا محمد بن كثير، حدّثنا سليمان، هو ابن كثير، عن الزهريّ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مما يقول لأصحابه: "من رأى منكم رؤيا، فليقُصّها عليّ، فأعْبُرها له"، قال: فجاء رجل، فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رأيت ظُلّة بين السماء والأرض، تَنْطُف عسلًا، أو سمنًا، ورأيت سببًا واصلًا من السماء إلى الأرض، ورأيت أناسًا يتكففون منها، فمستكثر، ومستقلّ، فأخذتَ به، فعلوتَ، فأعلاك الله، ثم أخذ به الذي بعدك، فعلا، فأعلأه الله، ثم أخذه الذي بعده، فعلا، فأعلاه الله، ثم أخذه الذي بعده، فقُطِع به، ثم وُصِل، فاتَّصَل، فقال أبو بكر: يا رسول الله ائذن لي، فأعْبُرها، فقال: اعْبُرها، وكان أَعْبَرَ الناس للرؤيا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أما الظلّة فالإسلام، وأما العسل والسمن فالقرآن، حلاوة العسل، ولِيْن السمن، وأما الذين يتكففون منه، فمستكثرٌ، ومستقلّ، فهم حَمَلة القرآن، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض، فالحقّ الذي أنت عليه، تأخذ به، فيعليك الله به، ثم يأخذ به رجل من بعدك، فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر، فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر، فينقطع به، ثم يوصل له، فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أصبتُ، أم أخطأتُ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أصبتَ، وأخطأت"، فقال: فما الذي أصبت؟ وما الذي أخطأت؟ فأبى أن يخبره. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ٣٠.
(٢) "سُنن الدارميّ" ٢/ ١٧٢.