للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عروة: "بَقَرًا تُذبح"، وكذا في حديث ابن عباس عند أبي يعلى، قاله في "الفتح". وقال النوويّ: قد جاء في غير مسلم زيادة في هذا الحديث: "ورأيت بقرًا تُنحر"، وبهذه الزيادة يتم تأويل الرؤيا بما ذُكر، فنَحْر البقر هو قَتْل الصحابة -رضي الله عنهم- الذين قُتلوا بأُحُد. انتهى (١).

(وَاللهُ خَيْرٌ) قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ-: ضبطنا هذا الحرف عن جميع الرواة: "واللهُ خيرٌ" برفع الهاء والراء، على المبتدأ والخبر، و"بَعْدُ يوم بدر" بضم دال بَعْدُ، ونصب "يومَ"، قال: ورُوي بنصب الدال، قالوا: ومعناه: ما جاء الله به بعد بدر الثانية، من تثبيت قلوب المؤمنين؛ لأن الناس جمعوا لهم، وخوّفوهم، فزادهم ذلك إيمانًا، وقالوا: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء} [آل عمران: ١٧٣ - ١٧٤]، وتفرّق العدوّ عنهم؛ هيبةً لهم، قال القاضي: قال أكثر شراح الحديث معناه: ثواب الله خير؛ أي: صنع الله بالمقتولين خير لهم من بقائهم في الدنيا، قال القاضي: والأَولى قول من قال: "والله خير" من جملة الرؤيا، وكلمةٌ أُلقيت إليه، وسَمِعها في الرؤيا عند رؤياه البقر، بدليل تأويله لها بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وإذا الخير ما جاء الله به"، والله أعلم. انتهى.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "ورأيت أيضًا فيها بقرًا، والله خيرٌ" الضمير في "فيها" عائد على الرؤيا المذكورة، والرواية المشهورة برفع "اللهُ"، و"خيرٌ" على الابتداء والخبر؛ أي: وثواب الله خيرٌ للنفر المقتولين بالشهادة، ولمن أصيب بهم بأجر المصيبة، وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: ورأيت واللهِ بقرًا تُنحر، على إعمال "رأيت" في "بقرًا"، وعلى خفض اسم الله تعالى على القَسَم، وهكذا روى الخبر ابن هشام، وسمِّي ذلك خيرًا على جهة التفاؤل.

قال القرطبيّ: والأول أوضح، وأبعد من الاعتراض. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "والله خير" هذا من جملة الرؤيا، كما جزم به


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ٣١ - ٣٢.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٦.