للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

له -صلى الله عليه وسلم-، وهو بمكة قبل الهجرة، وأن الله تعالى أطلعه بها على ما يكون من حاله، وحال أصحابه يوم أُحد، وبأنهم يصاب من صدورهم معه، وأن الله تعالى يُثَبِّتهم بعد ذلك، ويَجمع كلمتهم، ويقيم أمرهم، ويعزُّ دينهم، وقد كمَّل الله تعالى له ذلك بعد بدر الثانية، وهي المرادة في هذا الحديث. انتهى (١).

٣ - (ومنها): ما قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- أيضًا: ففيه ما يدلّ على أن الرؤيا قد تقع موافقة لظاهرها من غير تأويل، وأن الرؤيا قبل وقوعها لا يقطع الإنسان بتأويلها، وإنما هو ظنّ، وحدس؛ إلا فيما كان منها وحيًا للأنبياء، كما وقع لإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- في قوله لابنه: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} الآية [الصافات: ١٠٢]، فإنَّ ذلك لا يكون إلا عن يقين يحصل لهم قطعًا، خلافًا لمن قال من أهل البدع إن ذلك منه كان ظنًّا وحسبانًا، وهو قول باطل؛ لأنَّه لم يكن ليُقْدِم على معصوم الدم -قطعًا- محبوبٍ شرعًا وطبعًا بمنام لا أصل له ولا تحقيق فيه. انتهى (٢).

٤ - (ومنها): بيان ما ابتلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- في أول الأمر بالمشركين، ثم كانت لهم العاقبة المحمودة، ولله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الحمد والمنّة.

٥ - (ومنها): ما قال المهلَّب -رَحِمَهُ اللهُ-: هذه الرؤيا من ضرب المَثَل، ولما كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يصول بالصحابة عَبَّر عن السيف بهم، وبهزّه عن أمره لهم بالحرب، وعن القطع فيه بالقتل فيهم، وفي الهزة الأخرى لمّا عاد إلى حالته من الاستواء عَبّر به عن اجتماعهم، والفتح عليهم، ولأهل التعبير في السيف تصرف على أوجه، منها: أن من نال سيفًا، فإنه ينال سلطانًا، إما ولايةً، وإما وديعةً، وإما زوجةً، وإما ولدًا، فإن سلّه من غمده، فانثلم سَلِمت زوجته، وأصيب ولده، فإن انكسر الغمد، وسَلِم السيف فبالعكس، وإن سَلِما، أو عَطِبا فكذلك، وقائم السيف يتعلق بالأب، والعصبات، ونَصْله بالأمّ، وذوي الرحم، وإن جَرّد السيف، وأراد قتل شخص فهو لسانه يجرده في خصومه، وربما عُبِّر السيف بسلطان جائر. انتهى، ملخصًا.


(١) "المفهم" ٦/ ٣٥.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٥ - ٣٦.