للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يتحنط، فقال: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بئسما عوّدتم أقرانكم، اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، ومما صنع هؤلاء، ثم قاتل حتى قُتل، وكان عليه دِرْعٌ نفيسةٌ، فمرّ به رجل مسلم، فأخذها، فبينما رجل من المسلمين نائم، أتاه ثابت في منامه، فقال: إني أوصيك بوصية، فإياك أن تقول: هذا حُلُم، فتضيّعه، إني لما قُتلت أخذ درعي فلان، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس تستنّ، وقد كفأ على الدرع بُرْمَةً، وفوقها رَجْل، فائت خالدًا، فمُرْه، فليأخذها، وليقل لأبي بكر: إن عليّ من الدَّين كذا وكذا، وفلان عتيق، فاستيقظ الرجل، فأتى خالدًا، فأخبره، فبعث إلى الدرع، فأُتي بها، وحَدَّث أبا بكر برؤياه، فأجاز وصيته. ورواه البغويّ من وجه آخر، عن عطاء الخراسانيّ، عن بنت ثابت بن قيس، مطوّلًا، ذَكَره في "الإصابة" (١)، له في البخاريّ حديث واحد، وهو القصّة المذكورة، وليس له عند مسلم إلا ذِكر فقط.

وقوله: (وَفِي يَدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قِطْعَةُ جَرِيدَةٍ) جملة حاليّة أيضًا، و"الجريدة" بفتح الجيم، وكسر الراء: فعلية بمعنى مفعولة، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الجريد: سَعَفُ النخل، الواحدة جريدة، فعِيلة بمعنى مفعولة، وإنما تُسمَّى جَرِيدةً: إذا جُرّد عنها خُوصها. انتهى (٢). (حَتَّى وَقَفَ) -صلى الله عليه وسلم- (عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصحَابِهِ)؛ أي: في جملتهم، أو معهم. (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- لَمّا سأله أن يجعل له الأمر من بعده ("لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ أَتَعَدَّى أَمْرَ اللهِ فِيكَ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هكذا وقع في جميع نُسخ مسلم، ووقع في البخاريّ: "ولن تَعْدُو أمر الله فيك"، قال القاضي عياض: هما صحيحان، فمعنى الأول لن أَعْدُوَ أنا أمر الله فيك، من أني لا أجيبك إلى ما طلبته، مما لا ينبغي لك، من الاستخلاف، أو المشاركة، ومِن أني أُبَلِّغ ما أُنزل إليّ، وأدفع أمرك بالتي هي أحسن، ومعنى الثاني: ولن تعدو أنت أمر الله في خيبتك فيما أَمَلْته، من النبوة، وهلاكك دون ذلك، أو فيما سبق من قضاء الله تعالى وقَدَره في شقاوتك، والله أعلم. انتهى (٣).


(١) "الإصابة في تمييز الصحابة" ١/ ٣٩٥.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٩٦.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٣٣، و"إكمال المعلم" ٧/ ٢٣٣.