للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُدرِكة بن إلياس بن مُضَر بن نِزار بن مَعَدّ بن عدنان، ولا يصحّ حفظ النسب فوق عدنان، وقُريش هم أولاد النضر بن كنانة، كانوا تفرّقوا في البلاد، فجمعهم قُصيّ بن كلاب في مكة، فسُمّوا قريشًا؛ لأنه قَرَشهم؛ أي: جمعهم، ولكنانة ولد سوى النضر، وهم لا يُسمّون قريشًا؛ لأنهم لم يقرشوا. انتهى (١).

(وَاصْطَفَى قُرَيْشًا) بصيغة التصغير مشتق من القَرْش، وهو الجمع، قال في "التاج": قَرَشَه يَقْرِشُه قَرْشًا، من باب ضَرَب، ويَقْرُشُهُ أيَضًا من باب نَصَر: قَطَعَه، وقَرَشَهُ: جَمَعَه من ها هنا وها هنا، وضَمَّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ، قال الفَرّاءُ: ومنه قُرَيْشٌ القَبِيلَةُ، وأَبُوهُمُ النَّضْرُ بنُ كِنَانَةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ الْيَاسِ بنِ مُضَرَ، فكُلُّ مَنْ كانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ فهُوَ قُرَشِيٌّ، دُونَ وَلَدِ كِنَانَةَ، وَمَنْ فَوْقَه، كَذا في "الصحاح"، قَال المرتضى: وعِنْدَ أَئِمَّةِ النَّسَبِ كُلُّ مَنْ لَمْ يَلِدْهُ فِهْرٌ فَلَيْسَ بقُرَشِيٍّ، قالهُ ابنُ الكَلْبِيِّ، وهو المَرْجُوعُ إِلَيْه في هذَا الشّأْنِ؛ لتَجَمُّعِهِمْ في الحَرَمِ مِنْ حَوَالَيْ مَكَّةَ بَعْدَ تَفَرُّقِهِم في البِلَادِ، حينَ غَلَبَ عليها قُصَيُّ بنُ كِلَابٍ، ويُقَال: تَقَرَّشَ القَوْمُ: إِذا اجْتَمَعُوا، قالُوا: وبِه سُمِّيَ قُصَيٌّ مُجَمِّعًا، وقِيلَ: إِنَّمَا لُقّبَ قُصَيٌّ مُجَمِّعًا؛ لِجَمْعِه قبائل قُرَيْشٍ بالرِّحْلَتَيْنِ، ولكَوْنِه أَوّلَ مَنْ جَمّعَ يومَ الجُمُعَةِ، فخَطَب، وفِيه يَقُولُ مَطْرُود بنُ كَعْبٍ الخُزاعِيُّ [من الطويل]:

أَبُوكُمْ قُصَيٌّ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعًا … بِهِ جَمَّعَ اللهُ القَبَائِلِ مِنْ فِهْرِ

أَو لأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَقَرَّشُونَ البِيَاعَاتِ، فيَشْتَرُونَهَا، أَوْ لأَنَّ النَّضْرَ بنَ كِنَانَةَ اجْتَمَعَ في ثَوْبِه يَوْمًا، فقالوا: تَقَرَّشَ، فغَلَبَ عليه اللَّقَبُ، أَوْ لأَنّه جاءَ إِلى قَوْمِه يَوْمًا، فقالُوا: كأَنَّهُ جَمَلٌ قَرِيشٌ؛ أَيْ: شَدِيدٌ، فلُقِّبَ به، أَوْ لأَنَّ قُصَيًّا كان يُقَالُ له: القُرَشِيُّ، وهُوَ الَّذِي سَمّاهم بِهذا الاسْمِ، قالَهُ المُبَرِّدُ، ونَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ في "مُبْهمِ القُرْآنِ"، أَوْ لأَنَّهُمْ كَانُوا يُفَتِّشُونَ الحاجَ -بالتَّخْفِيفِ- جَمْعُ: حاجَةٍ فيَسُدُّونَ خَلَّتَها، فمَنْ كان مُحْتَاجًا أَغْنَوْهُ، ومَنْ كان عارِيًا كَسَوْه، ومَنْ كان مُعْدِمًا وَاسَوْهُ، ومَنْ كانَ طَرِيدًا آوَوْه، ومَنْ كان خائِفًا حَمَوْه، ومَنْ كان ضالًّا


(١) راجع: "الكاشف عن حقائق السُّنن" ١١/ ٣٦٣٢.