هَدَوْهُ، وهذا قَوْلُ مَعْرُوفِ بنِ خَرَّبُوذَ، أَوْ سُمِّيَتْ بمُصَغَّرِ القِرْشِ، وهِيَ دَابَّةٌ بَحْرِيَّةٌ تَخَافُهَا دَوَابُّ البَحْرِ كُلُّها، وقِيلَ: إِنّهَا سَيِّدةُ الدّوابِّ، إِذا دَنَتْ وَقَفَت الدَّوابُّ، وإِذا مَشَتْ مَشَتْ، وكَذلِكَ قُرَيْشٌ ساداتُ النّاسِ جاهِلِيَّةً وإِسْلَامًا، وهذا القَوْلُ نَقَلَه الزُّبَيْرُ بنُ بَكّارٍ بسَنَدِه عن ابنِ عَبّاسٍ، وأَنْشَدَ قَوْلَ المُشَمْرِجِ الحِمْيَرِيّ [من الخفيف]:
وقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ البَحْـ … رَ بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
أَو سُمِّيَتْ بقُرَيْشِ بنِ مَخْلَدِ بنِ غالِبِ بنِ فِهْرٍ، وكانَ صاحِبَ عِيرِهم، فكانُوا يَقُولُون: قَدِمَتْ عِيرُ قُرَيْشٍ، وخَرَجَتْ عِيْرُ قُرَيْشٍ، فَلُقِّبُوا بِذلِكَ. وقال السُّهَيْلِيُّ -في "مُبهَمِ القُرْآنِ" في آلِ عِمْران عِنْدَ ذِكْرِ بَدْرٍ-: هُوَ أَبُو بَدْرٍ، وهُوَ ابنُ قُرَيْشِ بنِ الحَارِثِ بن يَخْلُدَ بنِ النَّضْرِ، وكَانَ قُرَيْشٌ أَبُوهُ دَلِيلًا بَينَ فِهْرِ بنِ مالكٍ في الجاهلية، فكانت عِيرُهم إِذا وَرَدَتْ بَدْرًا يقال: قد جاءَت عِيرُ قُرَيْشٍ، يُضيفُونَهَا إِلى الرّجُلِ، حَتَّى ماتَ، وبَقِيَ الاسْمُ، فهذِهِ ثَمانِيَةُ أَوْجُهٍ، ذَكَرها في سَبَبِ تَلْقِيبِ النّضْرِ قُرَيْشًا، سَبْعَةٌ مِنْهَا نَقَلَها إِبراهِيمُ الحَرْبِيُّ في "غَرِيبِ الحَدِيثِ" مِنْ تَأْلِيفِه، وفاتَهُ ما نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ وغيرُه: سُمِّيَتْ بِذلِكَ لِتَبَحُّرِهَا، وتَكَسُّبِهَا، وضَرْبِهَا في البِلادِ تَبْتَغِي الرِّزْقَ، وقِيلَ: لأَنّهُم كانُوا أَهْلَ تِجَارَةٍ، ولَمْ يَكُونوا أَصْحَابَ ضَرْعٍ، وزَرْعٍ، من قَوْلهم: فلانٌ يَتَقَرَّشُ المالَ؛ أَيْ: يَجْمَعُه، فَهذِه عَشَرَةُ أَوْجُه، والمَشْهُورُ من ذلِكَ الوَجْهُ الأَوّلُ الَّذِي نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عنِ الفرّاء، ثُمَّ مَا ذَكَرَه الزُّبَيْرُ بنُ بَكّارٍ، نَسّابَةُ العَرَب، وحُكِيَ لِبَعْضِهِم في تَسْمِيَتِهم بقُرَيْشٍ عِشْرُونَ قَوْلًا.
قال الجَوْهَرِيُّ: فإِنْ أَرَدْتَ بقُرَيْشٍ الحَيَّ صَرَفْتَه، وإِنْ أَرَدْتَ بِهِ القَبيلَةَ لَمْ تَصْرِفْه، قالَ الشاعرُ في تَرْكِ الصَّرْفِ [من الطويل]:
غَلَبَ المَسامِيحَ الوَلِيدُ سَمَاحَةً … وكَفَى قُرَيْشَ المُعْضِلاتِ وِسَادَهَا
وهُوَ لِعَدِيِّ بنِ الرِّقاعِ يَمْدَحُ الوَلِيدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ وبعدَهُ:
وإِذا نَشَرْتَ لَهُ الثَّنَاءَ وَجَدْتَه … وَرِثَ المَكَارِمَ طُرْفَهَا وتلَادَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute