للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): ما قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: استَدَلّ به أصحابنا على أن غير قريش من العرب ليس بكفء لهم، ولا غير بني هاشم كفؤ لهم، إلا بني المطلب، فإنهم هم وبنو هاشم شيء واحد، كما صرح به في الحديث الصحيح، والله أعلم. انتهى.

قال الجامح عفا الله عنه: الاستدلال المذكور غير صحيح، فقد زوّج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- زينب بنت جحش، وهي قرشيّة، زيد بن حارثة، وهو مولى، وزوّج أبو حذيفة أخته سالمًا مولاه، وغير ذلك كثير، فالمعتبر في كفاءة النكاح هو الدين والخلق، فقد أخرج الترمذيّ عن أبي حاتم المزنيّ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دِينه وخُلُقه، فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد"، قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه" ثلاث مرات، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وأبو حاتم المزني له صحبة، ولا نعرف له عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- غير هذا الحديث. انتهى (١).

وأخرج أيضًا عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا خَطَب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريضٌ". انتهى (٢).

والحديث مختلف في وَصْله، وإرساله، لكن يشهد له ما قبله.

والحاصل أن الصحيح هو ما ذهب إليه مالك: من أن المعتبَر الدِّين، لا النسب، ولا غيره، وقد تقدّم تحقيق ذلك مفصّلًا في "كتاب النكاح"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّل الكتاب قال:

[٥٩٢٤] (٢٢٧٧) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، حَدَّثَنِي سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ، كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ").


(١) "جامع الترمذيّ" ٣/ ٣٩٥.
(٢) "جامع الترمذيّ" ٣/ ٣٩٤.