الشفاعة، وإنما لم يكتف بقوله:"أول شافع"؛ لأنه قد يشفع الثاني، فيُشَفَّع منهما قبل الأول، وإنما قال ذلك؛ امتثالًا لقوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)} [الضحى: ١١]، وهو من البيان الذي يجب تبليغه أمته (١)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢/ ٥٩٢٥](٢٢٧٨)، و (أبو داود) في "السُّنَّة"(٤٦٧٣)، و (الترمذيّ) في "المناقب"(٣٦١١)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٥٤٠)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٦/ ٣١٧)، و (البيهقيّ) في "شُعب الإيمان"(٢/ ١٧٩)، و (اللالكائيّ) في "اعتقاد أهل السُّنَّة"(٤/ ٢٨٨)، و (ابن منده) في "الإيمان"(٢/ ٨٥١)، و (ابن أبي عاصم) في "السُّنَّة"(٢/ ٣٧٠) وفي "الأوائل" له (١/ ٦٣)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعظيم مرتبته عند الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
٢ - (ومنها): ما قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هذا الحديث دليل لتفضيله -صلى الله عليه وسلم- على الخلق كلهم؛ لأن مذهب أهل السُّنَّة أن الآدميين أفضل من الملائكة، وهو -صلى الله عليه وسلم- أفضل الآدميين وغيرهم.
قال الجامع عفا الله عنه: مسألة تفضيل البشر على الملائكة، أو العكس طال النزاع فيها بين العلماء، وقد حقّقت الكلام فيها في "شرح النسائيّ"، فراجعه، تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
قال: وأما الحديث الآخر: "لا تُفَضِّلوا بين الأنبياء"، فجوابه من خمسة أوجه:
أحدهما: أنه -صلى الله عليه وسلم- قاله قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم، فلما عَلِم أخبر به.