للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١ - (منها): بيان إثبات المعجزة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهي كثيرة، منها نَبْع الماء من بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم- المذكور هنا.

٢ - (ومنها): ما قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هذه المعجزة تكررت من النبيّ مرَّات عديدة في مشاهد عظيمة، وجموع كثيرة، بلغتنا بطرق صحيحة من رواية أنس، وعبد الله بن مسعود، وجابر، وعمران بن حصين، وغيرهم -رضي الله عنهم- ممن يحصل بمجموع أخبارهم العلم القطعيّ المستفاد من التواتر المعنويّ.

وبهذا الطريق؛ حصل لنا العلم بأكثر معجزاته الدالة على صدق رسالاته، كما قد ذكرنا جملةَ ذلك في كتاب "الإعلام"، وهذه المعجزة أبلغ من معجزة موسى -صلى الله عليه وسلم- في نبع الماء من الحجر عند ضربه بالعصا؛ إذ من المألوف نبع الماء من بعض الحجارة، فأما نَبْعه من بين عظم ولحم وعصب ودم فشيء لم يُسمع بمثله، ولا يُتحدَّث به عن غيره -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (١).

وقال في "العمدة": ويستفاد من هذا بلاغة معجزته -صلى الله عليه وسلم-، وهو أبلغ من تفجير الماء من الحجر لموسى -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن في طبع الحجارة أن يخرج منها الماء الغَدَقُ الكثير، وليس ذلك في طباع أعضاء بني آدم. انتهى (٢).

٢ - (ومنها): أن الشافعيّ -رَحِمَهُ اللهُ- استدلّ بهذا الحديث على ردّ قول من قال من أصحاب الرأي: إن الوضوء مقدّر بقدر من الماء معيَّن، ووجه الدلالة أن الصحابة اغترفوا من ذلك القدح من غير تقدير؛ لأن الماء النابع لم يكن قَدْره معلومًا لهم، فدلّ على عدم التقدير، ذكره في "الفتح" (٣)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّل الكتاب قال:

[٥٩٢٧] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ (ح) وَحَدَّثَنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ، فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ


(١) "المفهم" ٦/ ٥٢ - ٥٣.
(٢) "عمدة القاري" ٣/ ٩٤.
(٣) "الفتح" ٥٢١، كتاب "الوضوء" رقم (٢٠٠).