للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "صَلْتٌ في يده" رُوي برفع "صلت"، ونَصْبه، فمن رَفَعه جعله خبر المبتدأ الذي هو "السيف"، و"في يده" متعلّق به، ومن نَصَبه جعل الخبر في الجارّ والمجرور، ونصب "صَلْتًا" على الحال؛ أي: مُصلتًا، وهو المجرَّد من غمده، والمشهور بفتح الصاد من: "صَلَتَ" (١)، وذكر القتبيّ: أنَّها تُكسر في لغة. انتهى.

قال: هذا يدلّ: على أنَّ النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان في هذا الوقت لا يحرُسه أحدٌ من الناس، بخلاف ما كان عليه في أول أمره، فإنَّه كان يُحرَس حتى أنزل الله تعالى عليه: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧]، فقال لمن كان يحرسه: "اذهبوا فإنَّ الله تعالى قد عصمني من الناس" (٢)، فمن ذلك الوقت لَمْ يحرسه أحدٌ منهم، ثقةً منه بوعد الله، وتوكلًا عليه.


(١) قال في "تاج العروس" ١/ ١١٢٢: الصَّلْتُ: السَّيْفُ الصَّقِيلُ المُنْجَرِدُ الماضي في الضَّرِيبة. وبعضٌ يقولُ: لا يُقالُ: الصَّلْتُ لِما كان فيه طُولُ؛ كالمُنْصَلِتِ والإِصْلِيتِ بالكسر. ويقال: أَصْلَتُّ السَّيفَ: إِذا جَرَّدْتهُ، ورُبَّما اشْتَقُّوا نَعْتَ أَفْعَل من إِفْعِيل مثل إِبْلِيسَ؛ لأَنَّ الله أَبْلَسَهُ. وسَيْفٌ إِصْلِيتٌ: صَقِيلٌ. ويجوز أَنْ يكون في معنى: مُصْلَتٍ وفي حديث غَوْرَثٍ: "فاخْترَطَ السَّيْفَ وهُوَ في يَدِه صَلْتًا"؛ أَي: مُجَرَّدًا. وعن ابن سِيدَهْ: أَصْلَتَ السَّيفَ: جَرَّده من غِمْده فهو مُصْلَتٌ، وضرَبَهُ بالسَّيْفِ صَلْتًا وصُلْتًا؛ أي: ضرَبَه به وهو مُصْلَتٌ. الصَّلْتُ: السِّكِّينُ المُصْلَتَة وقيل: هي الكبِيرَةُ والجمع أَصْلَاتٌ. وعن أَبي عَمْرٍو: سِكِّينٌ صَلْتٌ وَسَيْفٌ صَلْتٌ ومِخْيَطٌ صَلْتٌ: إِذا لَمْ يكن له غِلافٌ. وقيل: انجَرَد من غِمْدِه. وروى عن العُكْلِيّ: جاؤُوا بِصَلْتٍ مثلِ كَتِفِ النّاقة؛ أَي: بشَفْرَةٍ عظيمة. ويُضَمُّ وبه صدّر في كتاب الأَسماءِ والأَفعال. الصَّلْتُ: الرَّجُلُ الماضي في الحَوائِجِ الخفيف اللِّبَاس؛ كالأَصْلَتِيّ والمِصْلاتِ والمِصْلَتِ بالكسر فيهما، والمُنْصَلِتِ المُسْرَعُ من كُلّ شيْءٍ. وفي الصِّحاح: رَجُلٌ مِصْلَةٌ بكسر الميم: إِذا كان ماضيًا في الأُمور، وكذلك أَصْلَتِيٌّ ومُنْصَلِتٌ وصَلْتٌ ومِصْلاتٌ. وفي الأَساس: رجلٌ أَصْلَتِيٌّ: سريعٌ مُتَشَمِّرٌ، وهو من مَصالِيتِ الرِّجال، قال عامرُ بنُ الطُّفيْل:
أَنّا المَصَالِيتُ يَوْمَ الوَغَى … إِذا ما المَغاوِيرُ لَمْ تَقْدَمِ
انتهى.
(٢) رواه الترمذيّ، وقال: غريب.