للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بفتح الفاء، والشين المعجمة: معروفٌ، ويُطلق الفراش أيضًا على غَوْغاء الجراد الذي يَكْثُر، ويتراكم، وقال في "المحكم": الفَرَاش: دوابّ مثل البعوض، واحدتها فراشةٌ، وقد شبّه الله تعالى الناس في المحشر بالفراش المبثوث؛ أي: في الكثرة والانتشار، والإسراع إلى الداعي، قاله في "الفتح".

وقال في موضع آخر: قوله: "الفراش" جزم المازريّ بأنها الجنادب، وتعقبه عياض، فقال: الجندب هو الصرار، قلت (١): والحقّ أن الفراش اسم لنوع من الطير، مستقلّ، له أجنحة أكبر من جثته، وأنواعه مختلفة في الكبر والصغر، وكذا أجنحته، وعطف الدواب على الفراش يشعر بأنها غير الجنادب، والجراد، وأغرب ابن قتيبة، فقال: الفراش ما تهافت في النار، من البعوض، ومقتضاه أن بعض البعوض هو الذي يقع في النار، ويُسَمَّى حينئذ الفراش، وقال الخليل: الفراش كالبعوض، وإنما شبَّهه به؛ لكونه يُلقي نفسه في النار، لا أنه يشارك البعوض في القرص. انتهى.

(يَقَعْنَ فِيهِ)؛ أي: فيما أوقده، وفي رواية: "يقعن فيها"؛ أي: في النار. (فَأَنَا آخِذٌ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: رُوي باسم الفاعل، ويروى بصيغة المضارعة من المتكلم، وقال الطيبيّ: الفاء فيه فصيحيّة؛ كأنه لما قال: "مثلي، ومثل الناس. . . إلخ"، أتى بما هو أهمّ، وهو قوله: "فأنا آخذ بحجزكم"، ومن هذه الدقيقة التفت من الغَيبة في قوله: "ومثل الناس" إلى الخطاب في قوله: "بحجزكم" كما أن من أخذ في حديث من له بشأنه عناية، وهو مشتغل في شيء يورطه في الهلاك، يجد لشدة حرصه على نجاته أنه حاضر عنده. (بِحُجَزِكُمْ) بضم الحاء المهملة، وفتح الجيم، بعدها زاي: جمع حُجْزة، وهي مَعْقِد الإزار، ومن السراويل موضع التِّكّة، ويجوز ضم الجيم في الجمع. (وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ) بفتح المثناة، والقاف، والمهملة المشدّدة، والأصل: تتقحمون، فحذفت إحدى التاءين، وفي بعض النسخ: "وأنتم تقتحمون"، وقوله: (فِيهِ)؛ أي: فيما استوقده، وفي بعض النسخ: "فيها"؛ أي: في النار.

وحاصل هذا التمثيل: أنه شبّه تهافت أصحاب الشهوات في المعاصي


(١) القائل: صاحب "الفتح".