للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيظهر أن المراد أنها مكملةٌ محسّنةٌ، وإلا لاستلزم أن يكون الأمر بدونها كان ناقصًا، وليس كذلك، فإن شريعة كل نبيّ بالنسبة إليه كاملة، فالمراد هنا النظر إلى الأكمل بالنسبة إلى الشريعة المحمدية، مع ما مضى من الشرائع الكاملة. انتهى (١).

(فَجَعَلَ)؛ أي: شرع، وأخذ (النَّاسُ يُطِيفُونَ بِهِ) من الإطافة؛ أي: أحاطوا به، يقال: أطاف بالشيء: إذا أحاط به، وفي الرواية التالية: "يطوفون به"، من الطواف، وهو الدوران، وقوله: (يَقُولُونَ) جملة حاليّة من الفاعل؛ أي: حال كونهم قائلين، (مَا) نافية، (رَأَيْنَا بُنْيَانًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا) البنيان (إِلَّا هَذِهِ اللَّبِنَةَ)؛ أي: موضعها، و"اللبنة" بفتح اللام، وكسر الموحّدة: واحدة اللَّبِن بكسر الموحّدة أيضًا، قال الفيّوميّ: اللبِن بكسر الباء: ما يُعْمَل من الطين، ويُبْنَى به (٢).

وقال في "العمدة": "اللبنة" بفتح اللام، وكسر الباء الموحدة، وجاز إسكانها، مع فتح اللام، وكسرها: هي القطعة من الطين، تُعْجَنُ، وتُيَبَّس، ويُبنى بها بناءٌ، فإذا أُحرقت تُسَمَّى آجرةً. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: اللَّبنة: الطوبة التي يُبنى بها، وفيها لغتان: إحداهما: فتح اللام وكسر الباء، وتجمع: على لبن بإسقاط الهاء من الجمع، كنَبِقَة ونَبِقٍ، والثانية: كسر اللام، وسكون الباء، وتُجمع: على لِبَن -بكسر اللام، وفتح الباء- كسِدْرة وسِدَر. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": هي القطعة من الطين، تُعْجَن، وتُجْبَل، وتُعَدّ للبناء، ويقال لها ما لم تُحْرَق: لبنة، فإذا أُحرِقت، فهي آجُرّة. انتهى (٥).

(فَـ) قال -صلى الله عليه وسلم-: (كُنْتُ أَنَا تِلْكَ اللَّبِنَةَ") التي تمّ بوضعها ذلك البنيان. وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ومقصود هذا المَثَل أن يبيِّن به -صلى الله عليه وسلم- أن الله تعالى


(١) "الفتح" ٨/ ١٩٢، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٣٥).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٤٨.
(٣) "عمدة القاري" ١٦/ ٩٨.
(٤) "المفهم" ٦/ ٨٧ - ٨٨.
(٥) "الفتح" ٨/ ١٩٢، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٣٥).