للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَنَّ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي) -بضم العين المهملة، وإسكان القاف-: هو موقف الإبل من الحوض إذا وَرَدَتْه، وقيل: مؤخَّره، قاله النوويّ (١).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: هو بضم العين، وسكون القاف، وهو مؤخره حيث تقف الإبل إذا وردته، وتُسكَّن قافه، وتُضم، فيقال: عُقْر، وعُقُر؛ كعُسْر وعُسُر، قاله في "الصحاح وقال غيره: عُقْر الدار: أصلها -بفتح العين، وقد تُضم-. انتهى (٢).

(أَذُودُ النَّاسَ)؛ أي: أمنعهم، زاد في بعض النُّسخ: "عنه". (لأَهْلِ الْيَمَنِ) قال النوويّ -رحمه الله-: معناه: أطرد الناس عنه غير أهل اليمن؛ ليرفضّ على أهل اليمن، وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه؛ مجازاةً لهم بحسن صنيعهم، وتقدمهم في الإسلام، والأنصارُ من اليمن، فيَدْفَع غيرهم حتى يشربوا، كما دَفعوا في الدنيا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أعداءه، والمكروهات. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ: قوله: "أذود الناس لأهل اليمن يعني: السابقين من أهل اليمن الذين نصره الله بهم في حياته، وأظهر الدِّين بهم بعد وفاته، وقد تقدَّم أن المدينة من اليمن، وأنهم أحقّ بهذا الإكرام من غيرهم؛ لِمَا ثبت لهم من سابق النُّصرة، والأثرة؛ ولذلك قال للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض"، متّفقٌ عليه.

ومعنى "أذود": أدفع؛ فكأنه يُطَرِّق لهم مبالغةً في إكرامهم، حتى يكونوا أوَّل شارب، كما يَفعل بفقراء المهاجرين؛ إذ ينطلق بهم إلى الجنة، فيُدخلهم الجنة قبل الناس كلهم؛ كما قد ثبت في الأحاديث، ولا يُظَنّ: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يلازم المقام عند الحوض دائمًا، بل يكون عند الحوض تارةً، وعند الميزان أخرى، وعند الصراط أخرى، كما قد صحَّ عنه: أن أنسًا -رضي الله عنه- قال: أين أجدك يا رسول الله يوم القيامة؟ قال: "عند الحوض، فإنْ لم تجدني، فعند الميزان، فإنْ لم تجدني، فعند الصراط، فإني لا أخطئ هذه المواطن


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ٦٢.
(٢) "المفهم" ٦/ ٩٦.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٦٢.