للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أبي أمامة الباهليّ، أن يزيد بن الأخنس السُّلَميّ قال: "يا رسول الله ما سعة حوضك؟ قال: كما بين عدن إلى عمان، وأن فيه مَثْعَبين (١) من ذهب وفضة، قال: فما حوضك يا نبي الله؟ قال: أشدّ بياضًا من اللبن، وأحلى مَذَاقةً من العسل، وأطيب رائحةً من المسك، من شرب منه لم يظمأ أبدًا، ولم يَسْوَدّ وجهه أبدًا". انتهى.

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("مِنْ مَقَامِي) بفتح الميم اسم مكان من قام الثلاثيّ، ويَحتمل أن يكون بضمّ الميم، من أقام الرباعيّ، ولا يتعيّن الأول كما ادّعاه بعض الشرّاح، فتنبّه؛ أي: المكان الذي قام به -صلى الله عليه وسلم- في المدينة. (إِلَى عَمَّانَ") بفتح العين، وتشديد الميم، (وَسُئِلَ) -صلى الله عليه وسلم- (عَنْ شَرَابِهِ)؛ أي: عن صفة شراب الحوض، ولم يُعرف السائل، ويَحْتَمِل أن يكون هو يزيدَ بن الأخنس، كما تقدَّم آنفًا. (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ) "يَغُثُّ"-بفتح الياء، وبغين معجمة مضمومة، ومكسورة، ثم مثناة فوقُ مشدّدة- وهكذا قال ثابت، والخطابيّ، والهرويّ، وصاحب "التحرير"، والجمهور، قال النوويّ: وكذا هو في معظم نُسخ بلادنا، ونقله القاضي عن الأكثرين، قال الهرويّ: ومعناه: يَدْفُقان (٢) فيه الماء دَفْقًا متتابعًا شديدًا، قالوا: وأصله من إتْباع الشيءِ الشيءِ، وقيل: يَصُبّان فيه دائمًا صبًّا شديدًا، ووقع في بعض النسخ: "يَعُبّ"-بضم العين المهملة، وبباء موحّدة- وحكاها القاضي عن رواية العذريّ، قال: وكذا ذَكَره الحربيّ، وفسّره بمعنى ما سبق؛ أي: لا ينقطع جريانهما، قال: والعَبّ الشُّرْب بسرعة في نَفَس واحد، قال القاضي: ووقع في رواية ابن ماهان: "يَثْعُبُ" بمثلثة، وعَيْن مهملة؛ أي: يتفجر. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ: قوله: "يَغُتّ" هذه هي الرواية المشهورة، ومعناه: الصبُّ المتوالي، المتتابع، وأصله: إتباع الشيء الشيء؛ يعني: أنه يصب دائمًا متتابعًا صبًا شديدًا سريعًا، وقد رواه العذري: "يَعُبُّ" بالعين المهملة، وبالموحّدة،


(١) مسيل الوادي.
(٢) من باب قتل.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٦٣.