هم؟ " جواب ورد على قوله: "إذ يُخرجك قومك" على سبيل الاستبعاد، والتعجُّب، فكيف يستقيم العطف؟ ولأن هذه جملة إنشائيّة، وتلك خبريّة، والحقّ أن الأصل: أمخرجيّ هم؟، فأريدَ مزيد استبعاد وتعجّب، فجيء بحرف العطف على تقدير: أمعاديّ هم، ومخرجيّ هم؟.
وأما إنكار الحذف في مثل هذه المواضع فمستبعد؛ لأن مثل هذا الحذف من حلية البلاغة، لا سيّما وقد شُحن التنزيل بمثله، على أن الحذف المردود هو ما لا دليل عليه، ولا أمارة قائمة عليه، والدليل هنا وجود العاطف، ولا يجوز العطف على المذكور، فيجب أن يقدّر بعد الهمزة ما يوافق المعطوف؛ تقريرًا للاستبعاد، وشدًّا لعضده. انتهى (١).
(قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ) وفي رواية للبخاريّ: "إلا أوذي"، فذكر ورقةُ أن العلة في ذلك مجيئه له بالانتقال عن مألوفهم، ولأنه عَلِمَ من الكتب أنهم لا يجيبونه إلى ذلك، وأنه يلزمه لذلك منابذتهم ومعاندتهم، فتنشأ العداوة من ثَمّ، وفيه دليل على أن المجيب يُقِيم الدليل على ما يُجيب به إذا اقتضاه.
(وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ) أي: وقت إخراجك، أو وقت إظهار الدعوة، أو وقت الجهاد.
فـ "إن" شرطية، والفعل بعدها مجزوم، زاد في رواية للبخاريّ: "حَيًّا"، ولابن إسحاق: "إن أدركت ذلك اليوم"، يعني: يوم الإخراج.
قال الطيبيّ: يريد الزمان الذي أظهر فيه الدعوة، وعاداه قومه فيه، وقصدوا إيذاءه، وإخراجه. انتهى.
(أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا) - بفتح الزاي، وبهمزة قبلها -؛ أي: قويًّا بالغًا، مأخوذ من التأزير، بمعنى التقوية، وأصله من الأَزْر، وهو القوّة، وأنكر القزّاز أن يكون في اللغة مُؤَزَّر، من الأزر، وقال أبو شامة: يحتمل أن يكون من الإزار، أشار بذلك إلى تشميره في نصرته، كما قال الأخطل [من البسيط]: