للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: هذا كلّه إذا كانت قط بمعنى الدهر، فـ "قط" التي بمعنى حسبي، وهو الاكتفاء، فمفتوحة ساكنة الطاء، تقول: ما رأيته إلا مرّة واحدةً فقطْ، فإن أضفت قلت: قَطْكَ هذا الشيءُ؛ أي: حسبك، وقَطْني، وقَطِي، وقَطْهُ، وقَطْهَا، وقد نظمت هذا كلّه، فقلت:

قَطُّ بِمَعْنَى الدَّهْرِ قُلْ قَدْ وَرَدَا … لَهَا مِنَ اللُّغَاتِ خَمْسٌ تُقْتَدَى

بَالْفَتْحِ فَالضَّمِّ وَضَمَّتَيْنِ … خَفِّفْ، وَشُدَّ الطَّاءِ دُونَ مَيْنِ

خَامِسُهَا قَطِّ بِكَسْرٍ شُدِّدَا … أَمَّا بِمَعْنَى حَسْبُ سَاكِنًا بَدَا

فَقُلْ فَقَطْ فَإِنْ أَضَفْتَ قَطْكَ قُلْ … قَطِي وَقَطْنِي عَنْهُمُ أَيْضًا نَبُلْ (١)

(وَلَا قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لِي لِشَيْءٍ)؛ أي: لأجل فِعْل شيء فَعَلته مما لا يعجبه -صلى الله عليه وسلم- (لِمَ فَعَلْتَ كَذَا؟) منكرًا عليَّ فِعله، (وَهَلَّا) بفتح الهاء، وتشديد اللام، وتُخفّف، قال الأبيّ -رحمه الله-: "هلّا" إذا دخلت على الماضي كانت للتنديم، وإن دخلت على المضارع كانت للتحريض، والحضّ على الفعل (٢). (فَعَلْتَ كذَا؟)؛ أي: للشيء الذي تركه مما يريده -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية عبد العزيز التالية: "والله ما قال لي لشيء صنعته: لم صنعت هذا هكذا؟، ولا لشيء لم أصنعه: لِمَ لَمْ تصنع هذا هكذا؟ "، وفي رواية سعيد بن أبي بُردة بعدها: "فما أعلمه قال لي قطّ: لم فعلت كذا وكذا؟ ولا عاب عليّ شيئًا قطّ"، وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة بعدها: "ما علِمته قال لشيء صنعته: لِمَ صنعت كذا وكذا، أو لشيء تركته: هلّا فعلت كذا وكذا؟ ".

قال الأبيّ: وعدم اعتراضه -صلى الله عليه وسلم- على أنس إنما هو فيما يرجع إلى الخدمة والأدب، لا فيما هو تكليف؛ لأن هذا لا يجوز ترك الاعتراض فيه (٣)؛ أي: لأنه من باب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والله تعالى أعلم.

وقوله: (زَادَ أَبُو الرَّبِيعِ) هو سليمان بن داود العتكيّ، شيخه الثاني؛ أي: زاد في روايته لهذا الحديث قوله: (لِشَئءٍ لَيْسَ مِمَّا يَصْنَعُهُ الْخَادِمُ)؛ أي: ولا قال لي لشيء فَعَلْتُه، ليس ذلك الشيء مما يصنعه الخادم المؤدّب: لِمَ فعلت


(١) راجع: "الفوائد السكيّة" ص ٥١ - ٥٢.
(٢) "شرح الأبيّ" ٦/ ١١٦.
(٣) "شرح الأبيّ" ٦/ ١١٦ - ١١٧.