للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ) هو زوج أم سُليم والدة أنس، واسمه زيد بن سهل الأنصاريّ المتوفّى سنة (٣٤ هـ) وقيل غير ذلك، تقدّمت ترجمته في "الحيض" ٧/ ٧٢٠. (بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) لا تعارُض بين هذا وبين ما جاء في الرواية الأخرى من أن أم سُليم هي التي أتت به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، لإمكان الجمع بأنهما جميعًا أتيا به، بعد تشاورهما، واتّفاقهما على ذلك، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ) بفتح الكاف، وتشديد الياء المكسورة، وآخره سين مهملة، وهو ضدّ الأحمق، وقال ابن الأثير: الكيّس: العاقل، وقد كاس يكيس كَيْسًا، والكَيْس: العقل، قاله في "العمدة" (١).

وقال في "الهدي": قوله: "غلام كيّس" بالتثقيل، والتخفيف، أي: فَطِنٌ، والكَيْسُ هنا ضدّ العَجْز، فيكون بالتخفيف فقط. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ -رحمه الله-: الْكَيْسُ وزانُ فَلْس: الظَّرْفُ، والْفِطْنة، وقال ابن الأعرابيّ: العَقْل، ويقال: إنه مُخَفَّف من كَيّسٍ، مثلُ هَيْنٍ وهَيِّنٍ، والأول أصح؛ لأنه مصدر من كَاسَ كيْسًا، من باب باع، وأما المثقل فاسم فاعل، والجمع: أَكْيَاسٌ، مثل جَيِّدٍ وأجياد. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أفاد ما سبق أن "كيسًا" هنا يجوز فيه الوجهان: التشديد، والتخفيف، والله تعالى أعلم.

(فَلْيَخْدُمْكَ) تقدّم أنه من بابي ضرب، ونصر. (قَالَ) أنس (فَخَدَمْتُهُ فِي السَّفَرِ)، أي: كما في غزوة تبوك، (وَالْحَضَرِ)؛ أي: مدّة وجوده في المدينة، (وَاللهِ مَا قَالَ لِي) منكِرًا عليّ، (لِشَيءٍ)، أي: لأجل شيء (صَنَعْتُهُ) مما لا يُحب أن يُصنع هكذا، (لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا؟، وَلَا لِشَيءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ)؛ أي: تركت صُنعه، (لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا؟)؛ أي: على الصفة التي يريد أن يصنع له عليها، والله تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله قبل حديث، ولله الحمد والمنّة.


(١) "عمدة القاري" ١٤/ ٦٦.
(٢) "هدي الساري" ١/ ١٨١.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٥٤٥.