للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

عن عكرمة بن عمّار أنه (قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ) بن عبد الله بن أبي طلحة، (قَالَ أنَسٌ) -رضي الله عنه- (كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا) قال ابن الأثير -رحمه الله-: الخُلُق -بضم اللام، وسُكونها-: الدِّين، والطَّبْع، والسَّجِيَّة، وحقيقتُه أنه لِصُورة الإنسانِ الباطنة، وهي نفْسُه، وأوْصافُها، ومَعانِيها المُخْتصَّة بها، بمنزلة الخَلْق لِصُورته الظاهرة، وأوْصافِها، ومَعانيها، ولهما أوصاف حَسَنة، وقَبيحة، والثَّواب، والعِقاب يَتَعَلَّقان بأوصاف الصُّورة الباطنة أكثر مما يَتَعَلَّقان بأوصاف الصورة الظاهرة، ولهذا تكرّرت الأحاديث في مَدْح حُسْن الخُلُق في غير موضع. انتهى (١).

(فَأرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ)؛ أي: لقضائها، (فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَذْهَبُ) قال في "فتح الودود": ظاهره أن أنسًا قال له -صلى الله عليه وسلم-، وعليه حَمَله شُرّاح الحديث، وَيرِدُ عليه أنه كيف خالف أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ظاهرًا؟ وكيف حلف بالله كاذبًا؟ وكيف حمله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على الذهاب بعد الحلف؟ وأجاب في بعض الشروح عن بعض هذه الإيرادات بجواب يصلع جوابًا عن الكلّ، فقال: إن هذا القول صدر عن أنس في صِغَره، وهو غير مكلَّف. انتهى (٢).

(وَفي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ)؛ أي: فخرجت أذهب إلى أن مررت على صبيان، وجاء بصيغة المضارع استحضارًا لتلك الحالة، وقال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "حتى أمرّ" حكاية الحال الماضية، كما تقول: شربت الإبل حتى تجرّ بطنها، ويجوز أن تكون "حتّى" ناصبةً بمعنى "كي". انتهى (٣)، وقوله: (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) جملة منصوبة على الحال؛ أي: والحال أنهم يلعبون (فِي السُّوقِ، فَإِذَا) هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأني (رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) حال كونه (قَدْ قَبَضَ)؛ أي: أخذ (بِقَفَايَ) بفتح ياء المتكلم، والقفا مؤخر العنق، (مِنْ وَرَائِي، قَالَ) أنس (فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ) -صلى الله عليه وسلم- (وَهُوَ يَضْحَكُ) جملة حاليّة، (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("يَا أُنيْسُ) صغّره للملاطفة، (أَذَهَبْتَ) ووقع


(١) "النهاية في غريب الأثر" ٢/ ١٤٤.
(٢) "عون المعبود" ١٣/ ٨٩.
(٣) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ١٢/ ٣٧٠٠.