وجوب استفتاح القراءة ببسم الله، غير أنه أمر مبهم، لم يتبيّن له بأي اسم من أسمائه يستفتح حتى جاء البيان بعدُ في قوله تعالى:{بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا}[هود: ٤١]، ثم في قوله:{وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[النمل: ٣٠]، ثم بعد ذلك كان ينزل جبريل عليه السلام بـ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" مع كلّ سورة، وقد ثبتت في سواد المصحف بإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - على ذلك، وحين نزلت "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" سبّحت الجبال، فقالت قريش: سحر محمد الجبال، ذكره النقّاش.
وتعقّبه العينيّ رحمهُ اللهُ، فقال: دعوى الوجوب تحتاج إلى دليل، وكذلك دعوى نزول جبريل عليه السلام بـ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" مع كلّ سورة، وثبوتها في سواد المصحف لا يدلّ على وجوب قراءتها، وما ذكره النقّاش في "تفسيره" فقد تكلّموا فيه. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ أنه لا دليل على وجوب قراءتها، بل هي على الاستحباب، ومما يدلّ على عدم الوجوب حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي أخرجه المصنّف:"قسمت الصلاة بيني وبين عبدي … " وفيه: "فماذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين … " الحديث، وما أخرجه أحمد، وأصحاب السنن، وصححه الترمذيّ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"سورة من القرآن، ثلاثون آية، تشفع لصاحبها حتى يُغفَر له:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}[الملك: ١] "؛ إذ لم يبدأها بالبسملة.
والحاصل أن قراءة "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" مستحبّ، لا واجب، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
١٠ - (ومنها): أن من فَزع لا ينبغي أن يسأل عن شيء حتى يزول عنه فَزَعه، ومن ثَمّ قال الإمام مالك رحمهُ اللهُ: إن المذعور لا يلزمه بيعٌ، ولا إقرار، ولا غيره.
١١ - (ومنها): أن مكارم الأخلاق، وخصال الخير سبب للسلامة من