للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ففاجأني كونها خمسمائة، (فَقَالَ) أبو بكر -رضي الله عنه- (خُذْ مِثْلَيْهَا)؛ أي: حتى تكمل لك الحثيات الثلاث التي وعدك النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية للبخاريّ: "فحثا لي ثلاثًا، وجعل سفيان يحثو بكفّيه جميعًا"، قال في "الفتح": قوله: "وجعل سفيان يحثو بكفيه" يقتضي أن الحثية ما يؤخذ باليدين جميعًا، والذي قاله أهل اللغة أن الحثية ما يملأ الكفّ، والحفنة ما يملأ الكفين، نَعَم ذكر أبو عبيد الهرويّ أن الحثية والحفنة بمعنىً، وهذا الحديث شاهد لذلك. انتهى (١).

وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله: "فقال: خذ مثليها"؛ يعني: خذ معها مثليها، فيكون الجميع ألفًا وخمسمائة؛ لأن له ثلاث حثيات، وإنما حثى له أبو بكر بيده؛ لأنه خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيده قائمة مقام يده، وكان له ثلاث حثيات بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفيه إنجاز العِدَة، قال الشافعيّ، والجمهور: إنجازها، والوفاء بها مستحبّ، لا واجب، وأوجبه الحسن، وبعض المالكية. انتهى (٢).

[تنبيه]: وقع لأبي جحيفة -رضي الله عنه- مثل ما وقع لجابر -رضي الله عنه-، فقد أخرج الترمذيّ في "جامعه" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي جحيفة قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبيض، قد شاب، وكان الحسن بن عليّ يُشبهه، وأمر لنا بثلاثة عشر قَلُوصًا، فذهبنا نقبضها، فأتانا موته، فلم يُعطونا شيئًا، فلما قام أبو بكر قال: من كانت له عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عِدَةٌ فليجئ، فقمت إليه، فأخبرته، فأمر لنا بها. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٤/ ٦٠٠٥ و ٦٠٠٦] (٢٣١٤)، و (البخاريّ) في "الكفالة" (٢٢٩٦) و"الهبة" (٢٥٩٨) و"الشهادات" (٢٦٨٣)، و"فرض الخمس" (٣١٣٧)، و"الجزية" (٣١٦٤) و" المغازي" (٤٣٨٣) و (الترمذيّ) في "الأدب"


(١) "الفتح" ٧/ ٤١٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١٥/ ٧٤.
(٣) "جامع الترمذيّ" ٥/ ١٢٨.