للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المروءة، ولا يقضى به، ولا أعلم خلافًا أن ذلك مستحسن، يستحق صاحبه الحمد والشكر والمدح على الوفاء به، ويستحق على الخُلف في ذلك الذم، وقد أثنى الله على من صَدَق وعده، ووفى بنذره، وكفى بهذا مدحًا، وبما خالفه ذمًّا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد علمت فيما مضى أن دعوى الإجماع باطلة، فقد ثبت عن عمر بن عبد العزيز القول بوجوب الوفاء، وكذا نُقل عن الحسن البصريّ، والأدلّة واضحة في الوجوب، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى وليّ التوفيق.

٤ - (ومنها): ما قال ابن عبد البرّ أيضًا: ولمّا كان هذا من مكارم الأخلاق، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَولى الناس بها، وأنذرهم إليها، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- خليفته، أَدَّى ذلك عنه، وقام مقامه من الموضع الذي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقيمها منه، ولذلك لم يسأل أبو بكر الصدّيقُ البينةَ على ما ادعاه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العِدَة؛ لأن تلك العدة لم تكن شيئًا ادّعاه جابر في ذمة رسول الله، وإنما ادعى شيئًا في بيت المال وإنما ذلك موكول إلى اجتهاد الإمام. انتهى (٢) كلام ابن عبد البرّ -رحمه الله-.

وقال في "الفتح": لمّا قام أبو بكر -رضي الله عنه- مقام النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تكفل بما كان عليه من واجب، أو تطوع، فلما التزم ذلك لزمه أن يُوفّي جميع ما عليه من دَيْن، أو عِدةٍ، وكان -صلى الله عليه وسلم- يحب الوفاء بالوعد، فنفّذ أبو بكر ذلك، وقد عَدّ بعض الشافعية من خصائصه -صلى الله عليه وسلم- موجوب الوفاء بالوعد أخذًا من هذا الحديث، ولا دلالة في سياقه على الخصوصية، ولا على الوجوب. انتهى (٣).

وقال ابن بطال -رحمه الله-: لمّا كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أَولى الناس بمكارم الأخلاق أَدَّى أبو بكر -رضي الله عنه- مواعيده عنه، ولم يسأل جابرًا البينةَ على ما ادّعاه؛ لأنه لم يَدَّع شيئًا في ذمة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وإنما ادَّعَى شيئًا في بيت المال، وذلك موكول إلى اجتهاد الإمام. انتهى (٤).


(١) "الاستذكار" ٥/ ١٥٩.
(٢) "الاستذكار" ٥/ ١٦٠.
(٣) "الفتح" ٦/ ٨٠ - ٨١ كتاب "الكفالة" رقم (٢٢٩٦).
(٤) "الفتح" ٦/ ٥٦٠، كتاب "الشهادات" رقم (٢٦٨٣).