للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): أن فيه قبولَ خبر الواحد العدل من الصحابة، ولو جَرّ ذلك نفعًا لنفسه، لأن أبا بكر لم يلتمس من جابر شاهدًا على صحة دعواه، ويَحْتَمِل أن يكون أبو بكر عَلِمَ بذلك، فقضى له بعلمه، فيُسْتَدَلّ به على جواز مثل ذلك للحاكم، قاله في "الفتح" (١).

٦ - (ومنها): ما قال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لأعطيناك هكذا، وهكذا، وهكذا، وقال بيديه جميعًا"؛ هذا يدلّ على سخاوة نفس النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالمال، وأنه ما كان لنفسه به تعلُّق، فإنَّه كان لا يعدُّه بعدد، ولا يقدره بمقدار، لا عند أخذه، ولا عند بذله، وهذا منه -صلى الله عليه وسلم- كان وعدًا لجابر -رضي الله عنه-، وكان المعلوم من خُلُقه الوفاء بالوعد، ولذلك نفّذه له أبو بكر -رضي الله عنه- بعد موت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهكذا كان خُلُق أبي بكر، وخُلُق الخلفاء الأربعة -رضي الله عنهم-، ألا ترى أبا بكر كيف نفّذ عِدَة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجابر بقول جابر، ثم إنه دفعها له على نحو ما قال من غير تقدير؟! وأخبارهم في ذلك معروفة، وأحوالهم موصوفة، وكفى بذلك ما سار مسير المَثَل الذي لم يزل يجري على قول عليّ -رضي الله عنه-: يا صفراء، ويا بيضاء غُرِّي غَيْري (٢). انتهى، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٠٠٦] ( … ) (حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ مِنْ قِبَلِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- دَيْنٌ، أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ، فَلْيَأْتِنَا. بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ).

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ) السمين البغداديّ، تقدّم قريبًا.


(١) "الفتح" ٦/ ٨٠ - ٨١ كتاب "الكفالة" رقم (٢٢٩٦).
(٢) "المفهم" ٦/ ١٠٦ - ١٠٧.