للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-: وأنت يا رسول الله؟، فقال: يا ابن عوف إنها رحمة، ئم أتبعها بأخرى، فقال: إن العين تدمع، والقلب يَحزن … ".

وقوله: "وأنت يا رسول الله" قال الطيبيّ: فيه معنى التعجب، والواو تستدعي معطوفًا عليه؛ أي: الناس لا يصبرون على المصيبة، وأنت تفعل كفعلهم؛ كأنه تعجب لذلك منه مع عهده منه أنه يَحُثّ على الصبر، وينهى عن الجزع، فأجابه بقوله: "إنها رحمة أي: الحالة التي شاهدتها مني هي رقة القلب على الولد، لا ما توهمت من الجزع. انتهى.

ووقع في حديث عبد الرحمن بن عوف نفسه: "فقلت: يا رسول الله تبكي، أَوَ لم تنه عن البكاء؟ " وزاد فيه: "إنما نهيت عن صوتين أحمقين، فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب، ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة، خَمْش وجوه، وشق جيوب، ورَنّة شيطان، قال: إنما هذا رحمة، ومن لا يَرْحَم لا يُرْحَم وفي رواية محمود بن لبيد: "فقال: إنما أنا بشر وعند عبد الرزاق من مرسل مكحول: "إنما أنهى الناس عن النياحة، أن يُنْدَب الرجلُ بما ليس فيه" (١).

(تَدْمَعُ الْعَيْنُ)؛ أي: يسيل دمعها، (وَيَحْزَنُ) قال المجدّ -رحمه الله-: بفتح أوله، وثالثه، من باب تَعِبَ، والحزن بالضمّ، ويُحرّك: الهمّ، جمعه أحزان (٢). (الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا) يَحْتَمِل أن يكون "يرضى" بفتح أوله، مضارع رَضِيَ ثلاثيًّا مبنيًّا للفاعل، و"ربّنا" مرفوع على الفاعليّة، وَيحْتَمِل -إن صحّ رواية- أن يكون بضمّ أوله مضارع أرضى، مبنيًّا للفاعل أيضًا، و"ربّنا" منصوب على المفعوليّة، والله تعالى أعلم.

(وَاللهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ")؛ أي: مُصابون بالحزن الشديد، وفي حديث عبد الرحمن بن عوف، ومحمود بن لبيد: "ولا نقول ما يُسْخِط الربّ"، وزاد في حديث عبد الرحمن في آخره: "لولا أنه أمرٌ حقٌّ، ووعدٌ صدقٌ، وسبيلٌ نأتيه، وأن آخرنا سيلحق بأوَّلنا لحزِنّا عليك حزنًا، هو أشد من


(١) "الفتح" ٤/ ٦٤، كتاب "الجنائز" رقم (١٣٠٣).
(٢) "القاموس المحيط" ص ٢٨٦.